فَرْعٌ فَلِأَنَّ وَزْنَ الْفِعْلِ فَرْعٌ لِلْفِعْلِ، وَالْفِعْلُ فَرْعٌ لِلِاسْمِ، وَفَرْعُ الْفَرْعِ فَرْعٌ، وَأَمَّا أَنَّ الْوَصْفَ فَرْعٌ فَلِأَنَّ الْوَصْفَ فَرْعٌ عَنِ الْمَوْصُوفِ، وَأَمَّا أَنَّ الْعَدْلَ فَرْعٌ فَلِأَنَّ الْعُدُولَ عَنِ الشَّيْءِ إِلَى غَيْرِهِ مَسْبُوقٌ بِوُجُودِ ذَلِكَ الْأَصْلِ وَفَرْعٌ عَلَيْهِ، وَأَمَّا أَنَّ الْجَمْعَ الَّذِي لَيْسَ عَلَى زِنَتِهِ وَاحِدٌ فَرْعٌ فَلِأَنَّ ذَلِكَ الْوَزْنَ فَرْعٌ عَلَى وُجُودِ الْجَمْعِ، لِأَنَّهُ لَا يُوجَدُ إِلَّا فِيهِ، وَالْجَمْعُ فَرْعٌ عَلَى الْوَاحِدِ لِأَنَّ الْكَثْرَةَ فَرْعٌ عَلَى الْوَحْدَةِ، وَفَرْعُ الْفَرْعِ فَرْعٌ، وَبِهَذَا الطَّرِيقِ يَظْهَرُ أَنَّ التَّرْكِيبَ فَرْعٌ، وَأَمَّا أَنَّ الْمُعْجَمَةَ فَرْعٌ فَلِأَنَّ تَكَلُّمَ كُلِّ طَائِفَةٍ بِلُغَةِ أَنْفُسِهِمْ أَصْلٌ وَبِلُغَةِ غَيْرِهِمْ فَرْعٌ، وَأَمَّا أَنَّ الْأَلِفَ وَالنُّونَ فِي سَكْرَانَ وَأَمْثَالِهِ يُفِيدَانِ الْفَرْعِيَّةَ فَلِأَنَّ الْأَلِفَ وَالنُّونَ زَائِدَانِ عَلَى جَوْهَرِ الْكَلِمَةِ، وَالزَّائِدُ فَرْعٌ، فَثَبَتَ بِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ هَذِهِ الْأَسْبَابَ التِّسْعَةَ تُوجِبُ الْفَرْعِيَّةَ.
الْمُقَدِّمَةُ الثَّانِيَةُ: فِي بَيَانِ أَنَّ الْفِعْلَ فَرْعٌ، وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ أَنَّ الْفِعْلَ عِبَارَةٌ عَنِ اللَّفْظِ الدَّالِّ عَلَى وُقُوعِ الْمَصْدَرِ فِي زَمَانٍ مُعَيَّنٍ، فَوَجَبَ كَوْنُهُ فَرْعًا عَلَى الْمَصْدَرِ.
الْمُقَدِّمَةُ الثَّالِثَةُ: أَنَّهُ لَمَّا ثَبَتَ مَا ذَكَرْنَاهُ ثَبَتَ أَنَّ الِاسْمَ الْمَوْصُوفَ بِأَمْرَيْنِ مِنْ تِلْكَ الْأُمُورِ التِّسْعَةِ يَكُونُ مُشَابِهًا لِلْفِعْلِ فِي الْفَرْعِيَّةِ وَمُخَالِفًا لَهُ فِي كَوْنِهِ اسْمًا فِي ذَاتِهِ، وَالْأَصْلُ فِي الْفِعْلِ عَدَمُ الْإِعْرَابِ كَمَا ذَكَرْنَا، فَوَجَبَ أَنْ يَحْصُلَ فِي مِثْلِ هَذَا الِاسْمِ أَثَرَانِ بِحَسَبِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الِاعْتِبَارَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ، وَطَرِيقُهُ أَنْ يَبْقَى إِعْرَابُهَا مِنْ أَكْثَرِ الْوُجُوهِ، وَيُمْنَعُ مِنْ إِعْرَابِهَا مِنْ بَعْضِ الْوُجُوهِ، لِيَتَوَفَّرَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الِاعْتِبَارَيْنِ مَا يَلِيقُ بِهِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ وَالْعِشْرُونَ: إِنَّمَا ظَهَرَ هَذَا الْأَثَرُ فِي مَنْعِ التَّنْوِينِ وَالْجَرِّ لِأَجْلِ أَنَّ التَّنْوِينَ يَدُلُّ عَلَى كَمَالِ حال الِاسْمِ، فَإِذَا ضَعُفَ الِاسْمُ بِحَسَبِ حُصُولِ هَذِهِ الْفَرْعِيَّةِ أُزِيلَ عَنْهُ مَا دَلَّ عَلَى كَمَالِ حَالِهِ، وَأَمَّا الْجَرُّ فَلِأَنَّ الْفِعْلَ يَحْصُلُ فِيهِ الرَّفْعُ وَالنَّصْبُ، وَأَمَّا الْجَرُّ فَغَيْرُ حَاصِلٍ فِيهِ فَلَمَّا صَارَتِ الْأَسْمَاءُ مُشَابِهَةً لِلْفِعْلِ لَا جَرَمَ سُلِبَ عَنْهَا الْجَرُّ الَّذِي هُوَ مِنْ خَوَاصِّ الْأَسْمَاءِ.
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ وَالْعِشْرُونَ: هَذِهِ الْأَسْمَاءُ بَعْدَ أَنْ سُلِبَ عَنْهَا الْجَرُّ إِمَّا أَنْ تُتْرَكَ سَاكِنَةً فِي/ حَالِ الْجَرِّ أَوْ تُحَرَّكَ، وَالتَّحْرِيكُ أَوْلَى، تَنْبِيهًا عَلَى أَنَّ الْمَانِعَ مِنْ هَذِهِ الْحَرَكَةِ عَرَضِيٌّ لَا ذَاتِيٌّ، ثُمَّ النَّصْبُ أَوَّلُ الْحَرَكَاتِ لِأَنَّا رَأَيْنَا أَنَّ النَّصْبَ حُمِلَ عَلَى الْجَرِّ فِي التَّثْنِيَةِ وَالْجَمْعِ السَّالِمِ، فَلَزِمَ هُنَا حَمْلُ الْجَرِّ عَلَى النَّصْبِ تَحْقِيقًا لِلْمُعَارَضَةِ.
الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ وَالْعِشْرُونَ: اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ إِذَا دَخَلَ عَلَى مَا لَا يَنْصَرِفُ الْأَلِفُ وَاللَّامُ أَوْ أُضِيفَ انْصَرَفَ كَقَوْلِهِ: مَرَرْتُ بِالْأَحْمَرِ، وَالْمَسَاجِدِ، وَعُمَرِكُمْ، ثُمَّ قِيلَ: السَّبَبُ فِيهِ أَنَّ الْفِعْلَ لَا تَدْخُلُ عَلَيْهِ الْأَلِفُ وَاللَّامُ وَالْإِضَافَةُ فَعِنْدَ دُخُولِهِمَا عَلَى الِاسْمِ خَرَجَ الِاسْمُ عَنْ مُشَابَهَةِ الْفِعْلِ، قَالَ عَبْدُ الْقَاهِرِ: هَذَا ضَعِيفٌ، لِأَنَّ هَذِهِ الْأَسْمَاءَ إِنَّمَا شَابَهَتِ الْأَفْعَالَ لِمَا حَصَلَ فِيهَا مِنَ الْوَصْفِيَّةِ وَوَزْنِ الْفِعْلِ، وَهَذِهِ الْمَعَانِي بَاقِيَةٌ عِنْدَ دُخُولِ الْأَلِفِ وَاللَّامِ وَالْإِضَافَةِ فِيهَا فَبَطَلَ قَوْلُهُمْ: إِنَّهُ زَالَتِ الْمُشَابَهَةُ وَأَيْضًا فَحُرُوفُ الْجَرِّ وَالْفَاعِلِيَّةِ وَالْمَفْعُولِيَّةِ مِنْ خَوَاصِّ الْأَسْمَاءِ ثُمَّ إِنَّهَا تَدْخُلُ عَلَى الْأَسْمَاءِ مَعَ أَنَّهَا تَبْقَى غَيْرَ مُنْصَرِفَةٍ، وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ: أَنَّ الْإِضَافَةَ وَلَامَ التَّعْرِيفِ مِنْ خَوَاصِّ الْأَسْمَاءِ فَإِذَا حَصَلَتَا فِي هَذِهِ الْأَسْمَاءِ فَهِيَ وَإِنْ ضَعُفَتْ فِي الِاسْمِيَّةِ بِسَبَبِ كَوْنِهَا مُشَابِهَةً لِلْفِعْلِ إِلَّا أَنَّهَا قَوِيَتْ بِسَبَبِ حُصُولِ خَوَاصِّ الْأَسْمَاءِ فِيهَا، إِذَا عَرَفْتَ هَذَا فَنَقُولُ: أَصْلُ الِاسْمِيَّةِ يَقْتَضِي قَبُولَ الْإِعْرَابِ مِنْ كُلِّ الْوُجُوهِ، إِلَّا أَنَّ الْمُشَابَهَةَ لِلْفِعْلِ صَارَتْ مُعَارِضَةً لِلْمُقْتَضَى، فَإِذَا صَارَ هَذَا الْمُعَارِضُ مُعَارَضًا بِشَيْءٍ آخَرَ ضَعُفَ الْمَعَارِضُ، فَعَادَ الْمُقْتَضَى عَامِلًا عَمَلَهُ، وَأَمَّا السُّؤَالُ الثَّانِي فَجَوَابُهُ: أَنَّ لَامَ التَّعْرِيفِ وَالْإِضَافَةِ أَقْوَى مِنَ الْفَاعِلِيَّةِ وَالْمَفْعُولِيَّةِ لِأَنَّ لَامَ التَّعْرِيفِ وَالْإِضَافَةِ يُضَادَّانِ التَّنْوِينَ، وَالضِّدَّانِ مُتَسَاوِيَانِ فِي الْقُوَّةِ فَلَمَّا كَانَ التَّنْوِينُ دَلِيلًا على