مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ
الطَّلَاقِ: 2- 3 وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْها لا نَسْئَلُكَ رِزْقاً نَحْنُ نَرْزُقُكَ طه: 132 وَثَالِثُهَا: أَنَّهُ تَعَالَى قَالَ: وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ الذَّارِيَاتِ: 56 فَإِذَا اشْتَغَلُوا بِتَحْصِيلِ الْمَقْصُودِ حَصَلَ مَا يُحْتَاجُ إِلَيْهِ فِي الدُّنْيَا عَلَى سَبِيلِ التَّبَعِيَّةِ وَرَابِعُهَا: أَنَّ عُمَرَ خَرَجَ يَسْتَسْقِي فَمَا زَادَ عَلَى الِاسْتِغْفَارِ، فَقِيلَ لَهُ: مَا رَأَيْنَاكَ اسْتَسْقَيْتَ، فَقَالَ: لَقَدِ اسْتَسْقَيْتُ بِمَجَادِيحِ السَّمَاءِ. الْمِجْدَحُ ثَلَاثَةُ كواكب مخصوصة، ونوأه يَكُونُ عَزِيزًا شَبَّهَ عُمَرُ (الِاسْتِغْفَارَ) بِالْأَنْوَاءِ الصَّادِقَةِ الَّتِي لَا تُخْطِئُ، وَعَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: إِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ ذُنُوبًا أَقَلُّهُمُ اسْتِغْفَارًا، وَأَكْثَرَهُمُ اسْتِغْفَارًا أَقَلُّهُمْ ذُنُوبًا، وَعَنِ الْحَسَنِ: أَنَّ رَجُلًا شَكَا إِلَيْهِ الْجَدْبَ، فَقَالَ: اسْتَغْفِرِ اللَّهَ، وشكا إليه آخر الفقر، وآخر قلة السل، وَآخَرُ قِلَّةَ رَيْعِ أَرْضِهِ، فَأَمَرَهُمْ كُلَّهُمْ بِالِاسْتِغْفَارِ، فَقَالَ لَهُ بَعْضُ الْقَوْمِ: أَتَاكَ رِجَالٌ يَشْكُونَ إِلَيْكَ أَنْوَاعًا مِنَ الْحَاجَةِ، فَأَمَرْتَهُمْ كُلَّهُمْ بِالِاسْتِغْفَارِ، فتلا له الآية، وهاهنا سُؤَالَاتٌ:
الْأَوَّلُ: أَنَّ نُوحًا عَلَيْهِ السَّلَامُ أَمَرَ الْكُفَّارَ قَبْلَ هَذِهِ الْآيَةِ بِالْعِبَادَةِ وَالتَّقْوَى وَالطَّاعَةِ، فَأَيُّ فَائِدَةٍ فِي أَنْ أَمَرَهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ بِالِاسْتِغْفَارِ؟ الْجَوَابُ: أَنَّهُ لَمَّا أَمَرَهُمْ بِالْعِبَادَةِ قَالُوا لَهُ: إِنْ كَانَ الدِّينُ الْقَدِيمُ الَّذِي كُنَّا عَلَيْهِ حَقًّا فَلِمَ تَأْمُرُنَا بِتَرْكِهِ، وَإِنْ كَانَ بَاطِلًا فَكَيْفَ يَقْبَلُنَا بَعْدَ أَنْ/ عَصَيْنَاهُ، فَقَالَ نُوحٌ عَلَيْهِ السَّلَامُ: إِنَّكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ عَصَيْتُمُوهُ وَلَكِنِ اسْتَغْفِرُوهُ مِنْ تِلْكَ الذُّنُوبِ، فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ كَانَ غَفَّارًا.
السُّؤَالُ الثَّانِي: لِمَ قَالَ: إِنَّهُ كانَ غَفَّاراً وَلَمْ يَقُلْ: إِنَّهُ غَفَّارٌ؟ قُلْنَا الْمُرَادُ: أَنَّهُ كَانَ غَفَّارًا فِي حَقِّ كُلِّ مَنِ اسْتَغْفَرُوهُ كَأَنَّهُ يَقُولُ: لَا تَظُنُّوا أَنَّ غَفَّارِيَّتَهُ إِنَّمَا حَدَثَتِ الْآنَ، بَلْ هُوَ أَبَدًا هَكَذَا كَانَ، فَكَأَنَّ هَذَا هُوَ حِرْفَتُهُ وَصَنْعَتُهُ. وقوله تعالى:
سورة نوح (71) : الآيات 11 الى 12يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً (11) وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهاراً (12)
وَاعْلَمْ أَنَّ الْخَلْقَ مَجْبُولُونَ عَلَى مَحَبَّةِ الْخَيْرَاتِ الْعَاجِلَةِ، وَلِذَلِكَ قَالَ تَعَالَى: وَأُخْرى تُحِبُّونَها نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ الصَّفِّ: 13 فَلَا جَرَمَ أَعْلَمَهُمُ الله تعالى هاهنا أَنَّ إِيمَانَهُمْ بِاللَّهِ يَجْمَعُ لَهُمْ مَعَ الْحَظِّ الْوَافِرِ فِي الْآخِرَةِ الْخِصْبَ وَالْغِنَى فِي الدُّنْيَا.
وَالْأَشْيَاءُ الَّتِي وَعَدَهُمْ مِنْ مَنَافِعِ الدُّنْيَا فِي هَذِهِ الْآيَةِ خَمْسَةٌ أَوَّلُهَا: قَوْلُهُ: يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً وَفِي السَّمَاءِ وُجُوهٌ: أَحَدُهَا: (أَنَّ) «1» الْمَطَرَ مِنْهَا يَنْزِلُ إِلَى السَّحَابِ وَثَانِيهَا: أَنْ يُرَادَ بِالسَّمَاءِ السَّحَابُ وَثَالِثُهَا: أَنْ يُرَادَ بِالسَّمَاءِ الْمَطَرُ مِنْ قَوْلِهِ:
إِذَا نَزَلَ السَّمَاءُ بِأَرْضِ قَوْمٍ
... رَعَيْنَاهُ وَإِنْ كَانُوا غِضَابَا
وَالْمِدْرَارُ الْكَثِيرُ الدَّرُورُ، وَمِفْعَالٌ مِمَّا يَسْتَوِي فِيهِ الْمُذَكَّرُ وَالْمُؤَنَّثُ، كقولهم: رجل أو امرأة معطار ومتفال وَثَانِيهَا: قَوْلُهُ: وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوالٍ وَهَذَا لَا يَخْتَصُّ بِنَوْعٍ وَاحِدٍ مِنَ الْمَالِ بَلْ يَعُمُّ الْكُلَّ وَثَالِثُهَا: قَوْلُهُ: وَبَنِينَ وَلَا شَكَّ أَنَّ ذَلِكَ مِمَّا يَمِيلُ الطَّبْعُ إِلَيْهِ. وَرَابِعُهَا: قَوْلُهُ: وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ أَيْ بَسَاتِينَ وَخَامِسُهَا: قَوْلُهُ:
وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهاراً. ثم قال: