بسم الله الرحمن الرحيم
سورة الإخلاصأربع آيات مكية
سورة الإخلاص (112) : آية 1بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)
قَبْلَ الْخَوْضِ فِي التَّفْسِيرِ لَا بُدَّ مِنْ تَقْدِيمِ فُصُولٍ:
الْفَصْلُ الْأَوَّلُ:
رَوَى أُبَيٌّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ قَرَأَ سُورَةَ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ، فَكَأَنَّمَا قَرَأَ ثُلُثَ الْقُرْآنِ وَأُعْطِيَ مِنَ الْأَجْرِ عَشْرَ حَسَنَاتٍ بِعَدَدِ مَنْ أَشَرَكَ بِاللَّهِ وَآمَنَ بِاللَّهِ»
وَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: «مَنْ قَرَأَ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ مَرَّةً وَاحِدَةً أُعْطِيَ مِنَ الْأَجْرِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَأُعْطِي مِنَ الْأَجْرِ مِثْلَ مِائَةِ شهيدا» ،
وَرُوِيَ: «أَنَّهُ كَانَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَعَ الرَّسُولِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ إِذْ أَقْبَلَ أَبُو ذَرٍّ الْغِفَارِيُّ، فَقَالَ جِبْرِيلُ:
هَذَا أَبُو ذَرٍّ قد أقبل، فقال عليه الصلاة والسلام: أو تعرفونه؟ قَالَ: هُوَ أَشْهَرُ عِنْدَنَا مِنْهُ عِنْدَكُمْ، فَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: بِمَاذَا نَالَ هَذِهِ الْفَضِيلَةَ؟ قَالَ لِصِغَرِهِ فِي نَفْسِهِ وَكَثْرَةِ قِرَاءَتِهِ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ»
وَرَوَى أَنَسٌ قَالَ: «كُنَّا في تبوك فطلعت الشمس مالها شُعَاعٌ وَضِيَاءٌ وَمَا رَأَيْنَاهَا عَلَى تِلْكَ الْحَالَةِ قَطُّ قَبْلَ ذَلِكَ فَعَجِبَ كُلُّنَا، فَنَزَلَ جِبْرِيلُ وَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ أَمَرَ أَنْ يَنْزِلَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلِكٍ فَيُصَلُّوا عَلَى مُعَاوِيَةَ بْنِ مُعَاوِيَةَ، فَهَلْ لَكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَيْهِ ثُمَّ ضَرَبَ بِجَنَاحِهِ الْأَرْضَ فَأَزَالَ الْجِبَالَ وَصَارَ الرَّسُولُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ كَأَنَّهُ مُشْرِفٌ عَلَيْهِ فَصَلَّى هُوَ وَأَصْحَابُهُ عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: بِمَ بَلَغَ مَا بَلَغَ؟ فَقَالَ جِبْرِيلُ: كَانَ يُحِبُّ سُورَةَ الْإِخْلَاصِ»
وَرُوِيَ: «أَنَّهُ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَسَمِعَ رَجُلًا يَدْعُو وَيَقُولُ أَسْأَلُكَ يَا اللَّهُ يَا أَحَدُ يَا صَمَدُ يَا مَنْ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ، فَقَالَ: غَفَرَ لَكَ غَفَرَ لَكَ غَفَرَ لَكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ»
وَعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ: «جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَشَكَا إِلَيْهِ الْفَقْرَ فَقَالَ: إِذَا دَخَلْتَ بَيْتَكَ فَسَلِّمْ إِنْ كَانَ فِيهِ أَحَدٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ أَحَدٌ فَسَلِّمْ عَلَى نَفْسِكَ، وَاقْرَأْ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ مَرَّةً وَاحِدَةً فَفَعَلَ الرَّجُلُ فَأَدَرَّ اللَّهُ عَلَيْهِ رِزْقًا حَتَّى أَفَاضَ عَلَى جِيرَانِهِ»
وَعَنْ أَنَسٍ: «أَنَّ رَجُلًا كَانَ يَقْرَأُ فِي جَمِيعِ صِلَاتِهِ: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ فَسَأَلَهُ الرَّسُولُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أُحِبُّهَا، فَقَالَ: حُبُّكَ إِيَّاهَا/ يُدْخِلُكَ الْجَنَّةَ»
وَقِيلَ مَنْ قَرَأَهَا فِي الْمَنَامِ أُعْطِيَ التَّوْحِيدَ وَقِلَّةَ الْعِيَالِ وَكَثْرَةَ الذِّكْرِ لِلَّهِ، وَكَانَ مُسْتَجَابَ الدَّعْوَةِ.
الْفَصْلُ الثَّانِي: فِي سَبَبِ نُزُولِهَا وَفِيهِ وُجُوهٌ الْأَوَّلُ: أَنَّهَا نَزَلَتْ بِسَبَبِ سُؤَالِ الْمُشْرِكِينَ،
قَالَ الضَّحَّاكُ: إِنَّ الْمُشْرِكِينَ أَرْسَلُوا عَامِرَ بْنَ الطُّفَيْلِ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالُوا: شَقَقْتَ عَصَانَا وَسَبَبْتَ آلِهَتَنَا، وَخَالَفْتَ دِينَ آبَائِكَ، فَإِنْ كُنْتَ فَقِيرًا أَغْنَيْنَاكَ، وَإِنْ كُنْتَ مَجْنُونًا دَاوَيْنَاكَ، وَإِنْ هَوَيْتَ امْرَأَةً زَوَّجْنَاكَهَا، فَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: لَسْتُ بِفَقِيرٍ ولا مجنون ولا هويت المرأة، أَنَا رَسُولُ اللَّهِ أَدْعُوكُمْ مِنْ عِبَادَةِ الْأَصْنَامِ إِلَى عِبَادَتِهِ، فَأَرْسَلُوهُ ثَانِيَةً وَقَالُوا: