وقوله: وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنادِ الْمُنادِ مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ (41) .
يُقال: إن جبريل عَلَيْهِ السَّلام يأتي بيت المقدس فينادي بالحشر، فذلك قوله: «مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ» .
وقوله: يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهُمْ سِراعاً (44) .
إلى المحشر وتُشقَق، والمعنى واحد مثل: مات الرجل وأميت.
وقوله: وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ (45) .
يَقُولُ: لست عليهم بمسلَّط، جعل الجبار فِي موضع السلطان من الجَبْريّة، قَالَ أنشدني المفضل:
ويوم الحَزن إذ حشَدَت مَعدٌّ
... وكان الناسُ إلا نَحْنُ دينا
عصينا عزمةَ الجبار حَتَّى
... صبحنا «1» الجوفَ ألفا مُعْلمينا «2»
«3» أراد بالجبار: المنذر لولايته «4» .
وقال الكلبي بإسناده: لستَ عَلَيْهِمْ بَجَبّار «5» يقول: لم تبعث «6» لتجُبرهم عَلَى الْإِسْلَام والهدى إنَّما بعثت «7» مُذَكِّرًا فذكّر، وذلك قبل أن يؤمر بقتالهم.
والعرب لا تَقُولُ: فعّال من أفعلت، لا يقولون: هَذَا خَرّاج ولا دَخّال، يريدون مُدْخِل ولا مُخرِج من أدخلت وأخرجت، إنَّما يقولون: دخال من دخلت، وفعّال من فعلت. وَقَدْ قَالَتِ العرب: درّاك من أدركت، وهو شاذ، فإن حملت الجبار على هذا المعنى فهو «8» وجه.
وَقَدْ سمعت بعض العرب يَقُولُ: جبره عَلَى الأمر يريد: أجبره، فالجبار من هَذِهِ اللغة صحيح يراد بِهِ «9» : يقهرهم ويجبرهم.