أي: هذا لأصحاب اليمين.
وقوله هاهنا: ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (39) وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ (40) .
وَقَدْ قَالَ فِي أول السُّورة: «ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (13) وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ» (14) :
وذكروا أن أصحاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بكوا وشق عليهم.
قوله: « «1» وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ «2» » ، فأنزل اللَّه جل وعز هَذِهِ «ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ، وَثُلَّةٌ «3» مِنَ الْآخِرِينَ» . ورفعها عَلَى الاستئناف، وإن شئت جعلتها مرفوعة، تقول: ولأصحاب اليمين ثلتان:
ثلة من هَؤُلَاءِ، «4» وثلة من هَؤُلَاءِ «5» ، والمعنى: هم فرقتان: فرقة من هَؤُلَاءِ، وفرقة من هؤلاء.
وقوله: وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ (43) .
واليحموم: الدخان الأسود «6» .
وقوله: لا بارِدٍ وَلا كَرِيمٍ (44) .
وجه الكلام أن يكون خفضًا متبعًا لما قبله، ومثله: «زَيْتُونَةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ «7» » . وكذلك: «وَفاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ لا مَقْطُوعَةٍ وَلا مَمْنُوعَةٍ» «8» ، ولو رفعت ما بعد لا لكان صوابًا من كلام العرب، أنشدني بعضهم «9» :
وتُريكَ وجهًا كالصحيفةِ، لا
... ظمآنُ مختلجٌ، ولا جَهْمُ
كعقيلةِ الدُّرِّ استضاءَ بها
... محراب عرْش عزيزها العُجْمُ
وقَالَ آخر:
ولقد أبيت من الفتاة بمنزلٍ
... فأبيت لا زان ولا محروم «10»