وقوله: لَأَنْتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ (13) يَقُولُ: أنتم يا معشر المسلمين أهيب فِي صدورهم يعني بني النضير «1» من عذاب اللَّه عندهم، وذلك أن بني النضير كانوا ذوي بأس، فقذف اللَّه فِي قلوبهم الرعب من المسلمين، ونزل فِي ذَلِكَ:
«بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ» (14) ليقوى المسلمون عليهم (تحسبهم) يعنى: بنى النضير جميعا، وقلوبهم مختلفة، وهي فِي قراءة عَبْد اللَّه: وقلوبهم أشت، أي: أشد اختلافًا.
وقوله: أَوْ «2» مِنْ وَراءِ جُدُرٍ (14) قرأ ابن عباس: جدار، وسائر القراء: جدر عَلَى الجمع «3» .
وقوله: فَكانَ عاقِبَتَهُما أَنَّهُما «4» فِي النَّارِ خالِدَيْنِ (17) وهي فِي قراءة عَبْد اللَّه: فكان عاقبتُهما «5» أنهما خالدان فى النار، وفى 196/ ب قراءتنا «خالِدَيْنِ فِيها» نصب، ولا أشتهي الرفع، وإن كَانَ يجوز وذلك أن الصفة قَدْ عادت عَلَى النار مرتين، والمعنى للخلود، فإذا رَأَيْت الفعل بين صفتين قَدْ عادت إحداهما عَلَى موضع الأخرى نصبت الفعل، فهذا من ذَلِكَ، ومثله فِي الكلام قولك: مررت برجل عَلَى بابه متحملا بِهِ، ومثله قول الشَّاعِر:
والزعفران على ترائبها
... شرقا بِهِ اللباتُ والنحْرُ «6»
لأن الترائب «7» هِيَ اللبات هاهنا، فعادت الصفة باسمها الَّذِي وقعت عَلَيْهِ أولا، فإذا اختلف الصفتان: جاز الرفع والنصب على حسن. من ذَلِكَ قولك: عَبْد اللَّه فِي الدار راغبٌ فيك.
ألا ترى أن (فِي) التي فِي الدار مخالفة (لفي) التي تكون فِي الرغبة والحجة «8» ما يعرف به النصب