ومن قرأ «1» : أأن كان ذامال وبنين، فإنه وبّخه: ألأن كان ذامال وبنين تطيعه؟ وإن شئت قلت: ألِأَن كَانَ ذامال وبنين، إِذَا تليت عَلَيْهِ آياتنا قَالَ: أساطير الأولين. وكلٌّ حسن.
وقوله: سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ (16) .
أي: سنسمه سِمَة أهل النار، أي سنسوّد وجهه، فهو وإن كَانَ الخرطوم قَدْ خص بالسمة «2» فإِنه «3» فِي مذهب الوجه لأن بعض الوجه «4» يؤدّى عنْ بعض.
والعرب تَقُولُ: أما والله لأسمنّك وسمًا لا يفارقك. تريد «5» : الأنفَ، وأنشدني بعضهم:
لَأعْلِطَنَّكَ وَسْمًا لا يفارقه
... كما يُحَزّ بِحُمى المِيسمِ البَحرُ «6»
فَقَالَ: الميسم ولم يذكر الأنف، لأنه موضع السمة، والبحر: البعير إذا أصابه البحر، هوداء يأخذ البعير فيوسم لذلك.
وقوله: بَلَوْناهُمْ (17) .
بلونا أهل مكة كما يلونا أصحاب الجنة، وهم قوم من أهل اليمن كَانَ لرجل منهم زرع، ونخل، وكرم، وكان يترك للمساكين من زرعه ما أخطأه المنجل، ومن النخل ما سقط عَلَى البسط، ومن الكرم ما أخطأه القطاف. كَانَ ذَلِكَ يرتفع إلى شيء كَثِير، ويعيش فِيهِ اليتامى والأرامل والمساكين فمات الرجل، وله بنون ثلاثة فقالوا: كَانَ أبونا يفعل ذَلِكَ، والمال كَثِير، والعيال قليل، فأمَّا إِذ «7» كثر العيال، وقلّ المال فإنا ندع «8» ذَلِكَ، ثُمَّ تآمروا «9» أن يصرموا