وَقوله: وَإِنْ يَكادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصارِهِمْ (51) .
قَرَأَهَا عَاصِمٌ وَالْأَعْمَشُ: (لَيُزْلِقُونَكَ) بِضَمِّ الْيَاءِ، مَنْ أزلقت، وقرأها أهل المدينة:
(ليزلقونك) بِفَتْحِ الْيَاءِ مِنْ زَلَقْتُ، وَالْعَرَبُ تَقُولُ لِلَّذِي يَحْلِقُ الرَّأْسَ: قَدْ زَلَقَهُ وَأَزْلَقَهُ. وَقَرَأَهَا ابْنُ عباس: «ليزهقونك بأبصارهم «1» » حدثنا محمد «3» قال: سمعت الفراء قال «2» : حَدَّثَنَا بِذَلِكَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ رَجُلٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَهِيَ فِي قِرَاءَةِ عَبْد اللَّه «4» بْن مَسْعُود كَذَلِكَ بِالْهَاءِ:
«لَيُزْهِقُونَكَ» ، أَيْ: لَيُلْقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ وَذَلِكَ أَنَّ الْعَرَبَ كَانَ أَحَدُهُمْ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَعْتَانَ الْمَالَ، أَيْ: يُصِيبُهُ بِالْعَيْنِ تَجَوَّعَ ثَلَاثًا، ثُمَّ يَتَعَرَّضُ لِذَلِكَ الْمَالَ «5» فَيَقُولُ: تَاللَّهِ «6» مَالًا أَكْثَرَ وَلَا أَحْسَنَ يَعْنِي مَا رَأَيْتُ أَكْثَرَ «7» فَتَسْقُطُ مِنْهُ «8» الْأَبَاعِرُ، فَأَرَادُوا بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَ ذَلِكَ فَقَالُوا: مَا رَأَيْنَا مِثْلَ حُجَجِهِ، وَنَظَرُوا إِلَيْه لِيَعِينُوهُ، فَقَالُوا: مَا رَأَيْنَا مِثْلَهُ، وَإِنَّهُ لَمَجْنُونٌ، فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: «وَما هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ» (52) . وَيُقَال: (وَإِنْ كَادُوا لَيُزْلِقُونَكَ) أَيْ: لَيَرْمُونَ بِكَ عَنْ مَوْضِعِكَ، وَيُزِيلُونَكَ عَنْهُ بِأَبْصَارِهِمْ، كَمَا تَقُولُ: كَادَ يَصْرَعُنِي بِشِدَّةِ نَظَرِهِ، وَهُوَ بَيِّنٌ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ كَثِيرٌ، كَمَا تَقُولُ: أَزْهَقْتُ السَّهْمَ فزهق.
ومن سورة الحاقةقوله عز وجل: الْحَاقَّةُ (1) مَا الْحَاقَّةُ (2) .
والحاقة 204/ ب : القيامة، سميت بذلك لأن فيها الثواب والجزاء، والعرب تَقُولُ: لما عرفت الحقة مني هربت، والحاقة. وهما فى معنى واحد.