لأن أول الكلام «1» فِيهِ كالنهي إذ ذُكِر: «والّذين هم لفروجهم حافظون» (29) يَقُولُ:
فلا يلامون «2» إلّا عَلَى غير أزواجهم، فجرى الكلام عَلَى ملومين التي فِي آخره. ومثله أن تَقُولُ للرجل: اصنع ما شئت إِلا عَلَى «3» قتل النفس، فإنك معذب، أَوْ فِي «4» قتل النفس، فمعناه «5» إلا أنك معذب فِي قتل النفس.
وقوله: وَعَنِ الشِّمالِ عِزِينَ 37) .
والعزون: الحلق، الجماعات كانوا «6» يجتمعون حول النَّبِيّ صلى الله عليه فيقولون: لئن دخل هَؤُلَاءِ الجنة- كما يَقُولُ محمد صلى الله عليه- لندخلنها قبلهم، وليكونن لنا فيها أكثر مما لهم، فأنزل اللَّه: «أَيَطْمَعُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٍ» (38) .
قَرَأَ النَّاس: «أن يُدخَل» لا يسّمى فاعِلُه 217/ ا وقرأ الْحَسَن: «أَنْ يُدْخَلَ «7» » ، جعل لَهُ الفعل، ثُمَّ بَيَّنَ اللَّه عزَّ وجلَّ فَقَالَ: ولم يحتقرونهم، وَقَدْ خَلَقْناهم جميعًا «مِمَّا يَعْلَمُونَ» من تراب؟.
وقوله: إِلى نُصُبٍ يُوفِضُونَ (43) . الإيفاض: الإسراع. وقَالَ الشَّاعِر «8» :
لأنْعتنْ نعامةً ميفاضًا
... خَرْجاءَ ظلت تطلبُ الإضاضَا
قَالَ: الخرجاء فِي اللون، فإذا رُقِّعَ القميص الأبيض برقعةٍ حمراء فهو أخرج، تطلب الإضاضا:
أي تطلب موضعًا تدخل فِيهِ، وتلجأ إِلَيْه. قَرَأَ الْأَعْمَش وعاصم: «إلى نَصْبٍ» إلى شيء مَنْصُوب يستبقون إِلَيْه. وقرأ «9» زَيْد بْن ثابت: «إِلى نُصُبٍ يُوفِضُونَ» «10» فكأن النُّصبَ الآلهة التي كانت تعبد من دون اللَّه «11» وكلٌّ صواب، «12» ، وهو واحد، والجمع: أنصاب.