وأنْكرتْني، وما كَانَ الَّذِي نَكِرتْ
... من الحوادثِ إلَّا الشيبَ والصَّلَعا «1»
وقوله عزَّ وجلَّ: أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفاتاً (25) أَحْياءً وَأَمْواتاً (26) .
تكفتهم أحياء عَلَى ظهرها فِي بيوتهم ومنازلهم، وتكفتهم أمواتًا فِي بَطنها، أي: تحفظهم وتحرزهم. ونصبك الأحياءَ والأموات بوقوع الكفات عَلَيْهِ، كأنك قلت: ألم نجعل الأرض كفاتَ أحياءٍ، وأمواتٍ، فإذا نونت نصبت- كما يقرأ من قَرَأَ: «أَوْ إِطْعامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ، يَتِيماً» «2» ، وكما يقرأ: «فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ «3» » ، ومثله: «فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ «4» » 121/ ب .
وقوله عزَّ وجلَّ: إِلى ظِلٍّ ذِي ثَلاثِ شُعَبٍ (30) .
يُقال: إنه يخرج لسانٌ من النار، فيحيط بهم كالسرادق ثُمَّ يتشعب مِنْهُ ثلاث شعب من دخان فيظلهم، حتَّى يفرغ من حسابهم إلى النار.
وقوله عز وجل: كَالْقَصْرِ (32) يريد: القصر من قصور مياه العرب، وتوحيده وجمعه عربيان، قَالَ اللَّه تبارك وتعالى: «سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ «5» » ، معناه: الأدبار، وكأن القرآن نزل عَلَى ما يَستحب العرب من موافقة المقاطع، ألا ترى أَنَّهُ قال: «إِلى شَيْءٍ نُكُرٍ «6» » ، فثقل فى (اقتربت) لأن آياتها مثقلة، قَالَ:
«فَحاسَبْناها حِساباً شَدِيداً وَعَذَّبْناها عَذاباً نُكْراً «7» » . فاجتمع القراء عَلَى تثقيل الأول، وتخفيف هَذَا، ومثله: «الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبانٍ «8» » ، وقال: «جَزاءً مِنْ رَبِّكَ عَطاءً حِساباً «9» » فأجريت رءوس الآيات على هذه المجاري، وهو أكثر من أن «10» يضبطه الكتاب، ولكنك تكتفى بهذا منه إن شاء الله.