يقرن الرجل بقرينه الصالح فِي الدنيا فِي الجنة، ويقرن الرجل الَّذِي كَانَ يعمل العمل السيّء بصاحبه الَّذِي كَانَ يعينه عَلَى ذَلِكَ فِي النار، فذلك تزويج الأنفس. قَالَ الفراء: وسمعت «1» بعض العرب يَقُولُ: زوجت إبلي، ونهى اللَّه أن يقرن بين اثنين، وذلك أن يقرن البعير بالبعير فيعتلفان معا، ويرحلان معا.
حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ قَالَ «2» حَدَّثَنَا الْفَرَّاءُ قَالَ: حَدَّثَنِي حِبَّانُ عَنِ الْكَلْبِيِّ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنِ أبيه «3» عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَحَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ غُرَابٍ عَنِ ابْنِ مُجَاهِدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عباس أنه قرأ: «وإذا الموؤدة سألت «4» » (8) «بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ» (9) وقال: هى «5» التي تسأل ولا تسأل وقد يجوز أن يقرأ: «بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ» ، وَالْمَعْنَى: بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلْتُ. كَمَا تَقُولُ فِي الْكَلامِ:
عَبْدَ اللَّهِ بِأَيِّ ذَنْبِ ضُرِبَ، وَبِأَيِّ ذَنْبٍ ضُرِبْتُ. وَقَدْ مرّ لَهُ نظائر من الحكاية، من ذلك 128/ ب قول عنترة:
الشاتِمي عِرضي ولم أشتمها
... والناذرين إِذَا لقيتهما دمي «6»
والمعنى: أنهما كانا يقولان: إِذَا لقينا عنترة لنقتلنه. فجرى الكلام فِي شعره عَلَى هَذَا المعنى.
واللفظ مختلف، وكذلك قوله
رَجُلانِ من ضَبَّةَ أَخبرانا
... إِنَّا رأينا رجلًا عريانًا «7»
والمعنى: أخبرانا أنهما، ولكنه جرى عَلَى مذهب القول، كما يَقُولُ «8» : قَالَ عَبْد الله: إنه إنه لذاهب «9» وإني ذاهب «10» ، والذهاب لَهُ فِي الوجهين جميعًا.