لم ترو حتَّى هجرت ورين بي
يقول: حتَّى غُلبتُ من الإعياء، كذلك غلبَةُ الدَّيْنِ، وغلبةُ الذنوبِ.
وقوله عزَّ وجلَّ: كَلَّا إِنَّ كِتابَ الْأَبْرارِ لَفِي عِلِّيِّينَ (18) .
يَقُولُ القائل: كيف جمعت (عِلِّيون) بالنون، وهذا من جمع الرجال فإن «1» العرب إِذَا جمعت جمعًا لا يذهبون فِيهِ إلى أن لَهُ بناءً من واحد واثنين، فقالوه فِي المؤنث، والمذكر بالنون، فمن ذَلِكَ هَذَا، وهو شيء فوق شىء غير معروف واحده ولا أثناه.
وسمعت بعضَ العرب يَقُولُ: أَطْعَمَنَا مرقة مَرَقَيْن «2» يريد: اللحم إِذَا طبخت بمرق.
قَالَ، وقَالَ الفراء مرة أخرى: طبخت بماء «3» واحد. قَالَ الشَّاعِر:
قَدْ رَوِيَتْ إلا الدُّهَيْدِهِينَا
... قُليَصِّاتٍ وأُبَيْكِرينَا «4»
فجمع بالنون لأنَّه أراد: العدد الَّذِي لا يُحَدُّ، وكذلك قول الشَّاعِر:
فأصبحت المذَاهِبُ قَدْ أذاعت
... بِهَا الإعصار بعد الوابلينا «5»
أراد: المطر بعد المطر غير محدود. ونرى أن قول العرب:
عشرون، وثلاثون إذ جعل للنساء وللرجال من العدد الَّذِي يشبه هَذَا النوع، وكذلك عليّون: ارتفاعٌ بعد ارتفاع وكأنه لا غاية لَهُ.
وقوله عزَّ وجلَّ: تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ (24)