وقوله عز وجل: لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ (6) .
«ثُمَّ لَتَرَوُنَّها» (7) مرتين من التغليظ أيضًا. «لَتَرَوُنَّها عَيْنَ الْيَقِينِ» (7) عينًا لستم عَنْهَا بغائبين، فهذه قراءة العوام أهل المدينة، وأهل الكوفة وأهل «1» البصرة بفتح التاء من الحرفين.
حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ قَالَ «2» حَدَّثَنَا الْفَرَّاءُ قَالَ: وَحَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن الْفَضْلِ عنْ عَطَاءٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، عَنْ عَلِيٍّ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ قَرَأَ «لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ، ثُمَّ لَتَرَوُنَّها» ، بِضَمِّ التَّاءِ الأُولَى، وَفَتْحِ الثَّانِيَةِ «3» . وَالأَوَّلُ أَشْبَهُ بِكَلامِ الْعَرَبِ، لأَنَّهُ تَغْلِيظٌ، فَلا يَنْبَغِي أَنْ يَخْتَلِفَ لَفْظُهُ، أَلا تَرَى قوله: «سَوْفَ تَعْلَمُونَ، ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ» ؟ وقوله عز وجل: «فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً، إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً «4» » .
ومن التغليظ قوله فى سورة: «قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ، لا أَعْبُدُ ما تَعْبُدُونَ «5» » مكرر، كرر فيها وهو معنى واحد، ولو رفعت التاء فِي الثَّانية، كما رفعت الأولى كَانَ وجهًا جيدًا.
وقوله عزَّ وجلَّ: ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ (8) .
قَالَ «6» : إنه الأمن والصحة. وَذَكَرَ الْكَلْبِيُّ بِإِسْنَادِهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابَهُ كَانُوا فِي أَمْرٍ فَرَجَعُوا جِيَاعًا، فَدَخَلُوا عَلَى رجل من الأنصار، فأصابوا تمرا وماءا بَارِدًا، فَلَمَّا خَرَجُوا قَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَمَا إِنَّكُمْ سَتُسْأَلُونَ عَنْ هَذِهِ وَعَنْ هَذَا فَقَالُوا: فَمَا شُكْرُهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: أَنْ تَقُولُوا: الْحَمْدُ لله 148/ ا .
وَذُكِرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ: أنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «7» (ثَلَاثٌ لَا يُسْأَلُ عَنْهُنَّ الْمُسْلِمُ: طَعَامٌ يُقِيمُ صُلْبَهُ، وَثَوْبٌ يُوَارِي عورته، وبيت يكنه من الحر والبرد) .