ومن العرب من يذكر السماء لأنه جمع كأن واحدته سماوة أو سماءة. قال:
وأنشدني بعضهم:
فلو رفع السماء إليه قوما
... لحقنا بالسماء مع السحاب «1»
فإن قال قائل: أرأيت الفعل إذا جاء بعد المصادر المؤنثة أيجوز تذكيره بعد الأسماء كما جاز قبلها؟ قلت: ذلك قبيح وهو جائز. وإنما قبح لأن الفعل إذا أتى بعد الاسم كان فِيهِ مكنى من الاسم فاستقبحوا أن يضمروا مذكرا قبله مؤنث، والذين استجازوا ذلك قَالُوا: يذهب به إلى المعنى، وهو فِي التقديم والتأخير سواء قال الشاعر:
فإن تعهدي لامرئ لمةً
... فإن الحوادث أزرى بها «2»
ولم يقل: أزرين بها ولا أزرت بها. والحوادث جمع ولكنه ذهب بها إلى معنى الحدثان. وكذلك قال الآخر:
هنيئا لسعدٍ ما اقتضى بعد وقعتى
... بناقة سعد والعشية بارد
كأن العشية فِي معنى العشي ألا ترى قول اللَّه «أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا» «3» وقال الآخر:
إن السماحة والشجاعة ضمنا
... قبرا بمرو على الطريق الواضح»