وأما قول الشاعر:
فيا عجبا حَتَّى كليب تسبني
... كأن أباها نهشل أو مجاشع «1»
فإن الرفع فِيهِ جيد وإن لم يكن قبله اسم لأن الاسماء التي تصلح بعد حَتَّى منفردة إنما تأتي من المواقيت كقولك: أقم حَتَّى الليل. ولا تقول أضرب حَتَّى زيدٍ لأنه ليس بوقت فلذلك لم يحسن إفراد زَيْدُ وأشباهه، فرفع بفعله، فكأنه قال:
يا عجبا أتسبني اللئام حَتَّى يسبني كليبي «2» . فكأنه عطفه على نية أسماء قبله. والذين خفضوا توهموا فِي كليبٍ ما توهموا فِي المواقيت، وجعلوا الفعل كأنه مستأنف بعد كليبٍ كأنه قال: قد انتهى بي «3» الأمر إلى كليبٍ، فسكت، ثم قال: تسبنى.
وقوله: يَسْئَلُونَكَ ماذا يُنْفِقُونَ
... (205)
تجعل «ما» فِي موضع نصب وتوقع عليها «يُنْفِقُونَ» ، ولا تنصبها ب (يسألونك) لأن المعنى: يسألونك أي شيء ينفقون. وإن شئت رفعتها من وجهين أحدهما أن تجعل «ذا» اسما يرفع ما، كأنك قلت: ما الَّذِي ينفقون.
والعرب قد تذهب بهذا وذا إلى معنى الَّذِي فيقولون: ومن ذا يقول ذاك؟
فِي معنى: من الَّذِي يقول ذاك؟ وأنشدوا «4» :
«5»
عَدَسْ ما لعبادٍ عليكِ إمارة
... أمِنتِ وهذا تحملين طليق