وقوله: حَتَّى إِذا فَشِلْتُمْ
... (152)
يقال: إنه مقدم ومؤخر معناه: «حَتَّى إذا تنازعتم فى الأمر فشلتم» . فهذه الواو معناها السقوط: كما يقال: فَلَمَّا أَسْلَما وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ. وَنادَيْناهُ «1» معناه:
ناديناه. وهو فى «حَتَّى إِذا» و «فلمّا أن» «2» مقول، لم يأت فِي غير هذين. قَالَ اللَّه تبارك وتعالى: حَتَّى إِذا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ «3» ثم قال: وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ «4» معناه: اقترب، وقال تبارك وتعالى:
حَتَّى إِذا جاؤُها وَفُتِحَتْ أَبْوابُها «5» وفي موضع آخر: فُتِحَتْ «6» وقال الشاعر:
حَتَّى إذا قملت بطونكم
... ورأيتم أبناءكم شبوا
وقلبتم ظهر المجن لنا
... إن اللئيم العاجز الخب «7»
الخب «8» : الغدار، والخب: الغدر. وأما قوله: إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ. وَأَذِنَتْ لِرَبِّها وَحُقَّتْ «9» وقوله: وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ. وَأَلْقَتْ مَا فِيها وَتَخَلَّتْ «10» فإنه كلام واحد جوابه فيما بعده، كأنه يقول: «فيومئذ يلاقى حسابه» . وقد قال بعض من روى عن قَتَادَة من البصريين إِذَا السّماء انشقّت. أذنت لربها وحقّت ولست أشتهى ذلك لأنها فِي مذهب «إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ» «11» و «إِذَا السَّماءُ انْفَطَرَتْ» «12» فجواب هذا بعده «عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا أَحْضَرَتْ» «13» و «عَلِمَتْ نَفْسٌ ما قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ» «14» .