فسألوا رَسُول اللَّه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن ينزلها وحلفوا ليؤمنن، فقال المؤمنون:
يا رسول الله سل ربك ينزلها عليهم حَتَّى يؤمنوا، فأنزل الله تبارك وتعالى: قل للذين آمنوا: وما يُشعركم أنهم يؤمنون. فهذا وجه النصب فِي أنّ وما يُشعركم أنهم يؤمنون (و) نحن نُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصارَهُمْ كَما لَمْ يُؤْمِنُوا، وقرأ بعضهم:
(إنها) مكسور الألف (إذا جاءت) مستأنفة، ويجعل قوله (وما يشعركم) كلامًا مكتفيًا. وهي فِي قراءة عبد الله: وما يشعركم «1» إِذَا جاءتهم أنهم لا يؤمنون.
و (لا) فِي هَذَا الموضع «2» صِلة كقوله: وَحَرامٌ «3» عَلى قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها أَنَّهُمْ لا يَرْجِعُونَ: المعنى: حرامٌ عليهم أن يرجعوا. ومثله: مَا مَنَعَكَ «4» أَلَّا تَسْجُدَ معناهُ: أن تسجد.
وهي فِي قراءة أُبي: لعلها إِذَا جاءتهم لا يؤمنون وللعرب فِي (لعلّ) لغة بأن يقولوا: ما أدري أنك صاحبها، يريدون: لعلك صاحبها، ويقولون:
ما أدري لو أنّك صاحبها، وهو وجه جيد أن تَجعل (أَنّ) فِي موضع لعل.
وقوله: وَلَوْ أَنَّنا نَزَّلْنا إِلَيْهِمُ الْمَلائِكَةَ (111) هَذَا أمرٌ قد كانوا سألوهُ، فقال الله تبارك وتعالى: لو فعلنا بِهم ذَلِكَ لَمْ يؤمنوا إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ.
وقوله: (قبلا) جمع قبيل. والقبيل: الكفيل. وإِنَّما اخترت هاهنا أن يكون الْقُبُلُ فِي معنى الكفالة لقولهم: أَوْ تَأْتِيَ «5» بِاللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلًا يضمنون «6»