والمبتدأ لا يكون إلا متحركًا. وكذلك قوله: حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيها جَمِيعاً «1» ، وقوله: وَازَّيَّنَتْ «2» المعنى- والله أعلم-: تزينت، وقالُوا اطَّيَّرْنا «3» معناهُ:
تطيرنا. والعربُ تَقُولُ: (حَتَّى إِذَا اداركوا) تجمع بين ساكنين: بين التاء من تداركوا وبين الألف من إِذَا. وبذلك كَانَ يأخذ أَبُو عَمْرو «4» بن العلاء ويردّ الوجه الأول، وأنشدني الْكِسَائي:
تُولِي الضجيع إِذَا ما استافها «5» خَصِرا
... عَذْبَ المذاقِ إِذَا ما اتّابع الْقُبَلُ
وقوله: وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلى (40) فأوقع (جعل) عَلَى الكلمة، ثُمَّ قَالَ: وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيا عَلَى الاستئناف، ولم تُرَد بالفعل. وكلمة الَّذِينَ كفروا الشرك بالله، وكلمة الله قول (لا إله إلا الله) .
ويَجوز (وَكَلِمَةُ «6» اللَّهِ هِيَ العليا) ولست أستحبّ ذَلِكَ لظهور الله تبارك وتعالى لأنه لو نصبها- والفعل فعله- كَانَ أجود الكلام أن يُقال: «وكلمته هي العليا» ألا ترى أنك تَقُولُ: قد أعتق أبوكَ غلامه، ولا يكادونَ يقولون: أعتق أبوكَ غلام أبيك. وقال الشاعر فِي إجازة ذَلِكَ:
متى تأتِ زيدًا قاعدًا عِنْدَ حوضه
... لِتهدِمَ ظلمًا حوضَ زيد تقارع
فذكر زيدًا مرتين ولم يُكَنِّ عنه فى الثانية، والكناية وجه الكلام.