فقال عز وجل: (يا أَيُّهَا «1» الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ) .
ووصف «2» المنافقين فقال: (لَوْ كَانَ عَرَضًا قَرِيبًا وسفرا قاصدا لاتّبعوك) .
وقوله: لا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ (45) أي لا يَسْتَأْذِنُكَ بعد غزوة تبوك فِي جِهاد الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ به.
ثم قال: إِنَّما يَسْتَأْذِنُكَ بعدها الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ
وقوله: قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ (52) : الظفر أو الشهادة، فهما الحسنيان. والعرب تدغم اللام من (هل) و (بل) عند التاء خاصة. وهو فِي كلامهم عالٍ كَثِير يقول: هَلْ تدري، وهتَّدْرِي. فقرأها القراء عَلَى ذَلِكَ، وإنَّما أستحبُّ فِي القراءة خاصَّة تبيان ذَلِكَ، لانَّهما منفصلانِ ليسا من حرف واحد، وإِنَّما بنى القرآن عَلَى الترسل والترتيل وإشباع الكلام فتبيانه أحب إليّ من إدغامه، وقد أدغم القرّاء «3» الكبار، وكلٌّ صواب.
وقوله: أَنْفِقُوا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً (53) وهو أمر فِي اللفظ وليس بأمر فِي المعنى لأنه أخبرهم أَنَّهُ لن يتقبّل منهم.
وهو فِي الكلام بِمنزلة إنْ فِي الجزاء كأنك قلت: إنْ أنْفَقْتَ طوعًا أو كرهًا فليس بمقبولٍ منك. ومثله اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ «4» لَيْسَ بأمر، إِنَّما هُوَ عَلَى تأويل الجزاء. ومثله قول الشاعر «5» :
أسِيئي بنا أو أحسني لا ملومةٌ
... لدينا ولا مَقْليّةٌ إن تقَلّتِ