فلم تدخل اللام إلا لأن معناها إنّ.
وهى فيما وصلت به من أوّلها بمنزلة قول الشاعر:
لِهنَّكِ من عَبْسِيَّةٍ لوسِيمةٌ
... عَلَى هَنَواتٍ كاذبٍ من يقولها «1»
وصل (إنّ) هاهنا بلام وهاء كما وصلها ثَمَّ بلام وكاف. والحرف قد يوصل «2» من أوّله وآخره. فمما وصل من أوله (هذا) ، و (ها ذاك) ، وصل ب (ها) من أوله. ومما وصل من آخره. قوله: إِمَّا تُرِيَنِّي مَا يُوعَدُونَ «3» ، وقوله: لتذهبن ولتجلسن. وصل من آخره بنون وب (ما) . ونرى أن قول العرب: كم مالك، أنها (ما) وصلت من أولها بكاف، ثُمَّ إن الكلام كَثِر ب (كم) حَتَّى حذفت الألف من آخرها فسكنت ميمها كما قالوا: لِمَ قلت ذاك؟ ومعناهُ: لِمَ قلت ذاك، ولما «4» قلت ذاك؟
قَالَ الشاعر:
يا أبا الاسود لِم أسلمتني
... لِهموم طارقات وذِكر
وقال بعضُ العرب فِي كلامه وقيل لَهُ: منذكم قعد فلان؟ فقال: كَمُذْ أخذتَ فِي حديثك، فردُّه الكاف فِي (مذ) يدل عَلَى أن الكاف فِي (كم) زائدة. وإنهم ليقولون: كيف أصبحت، فيقول: كالخير، وكخير. وقيل لبعضهم: كيف تصنعونَ الأقِط؟ فقال: كهين.
وقوله: فَإِلَيْنا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ اللَّهُ شَهِيدٌ عَلى ما يَفْعَلُونَ (46) (ثم) هاهنا عطف. ولو قيل: ثَمَّ الله شهيد عَلَى ما يفعلون. يريد:
هنالك الله شهيد على ما يفعلون «5» .