أيديهم فى أفواههم يقول رَدُّوا ما لو قبلوه لكان نِعَمًا وأيادي من الله فِي أفواههم، يقول بأفواههم أي بألسنتهم. وقد وجدنا من العرب من يجعل (فِي) موضع الباء فيقول: أدخلك الله بالجنَّة يريد:
فِي الجنة. قَالَ: وأنشدني بعضهم:
وأرغب فيها عَن لَقِيطٍ ورَهْطه
... ولكنني عَن سِنْبِس لستُ أرغبُ
فقال: أرغب فيها يعني بنتا له. أي إنى أرغبُ بِهَا عَن لقيط «1» .
وقوله: وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضِنا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنا 13 قال (أَوْ لَتَعُودُنَّ) فجعل فيها لا ما كجواب اليمين وهي فِي «2» معنى شرط، مثله من الكلام أن تَقُولَ: والله لأضربنّك أو تُقِرَّ لي: فيكون معناهُ معنى حَتَّى أو إلا، إِلَّا أنَّها جاءت بِحرف نَسَق. فمن العرب من يَجعل الشرط مُتْبعًا للذي قبله، إن كانت فِي الأول لام كَانَ فِي الثاني لام، وإن كَانَ الأول منصوبًا أو مجزومًا نَسَقوا عَلَيْهِ كقوله: (أَوْ لَتَعُودُنَّ) ومن العرب من ينصب ما بعد أوْ ليُؤذن نصبُه بالانقطاع عمّا قبله. وقال الشاعر «3» :
لَتقعُدِنَّ مَقعدَ الْقَصِيِّ
... مِنِّي ذي القاذُورة الْمَقْلِيّ
أَوْ تحلفي بربِّك العليِّ
... أَنِّي أَبُو ذيَّالِكِ الصبيّ
فنصب (تحلفي) لأنه أراد: أن تحلفي. ولو قال أو لتحلفنّ كَانَ صوابًا ومثله قول امرئ القيس:
بكى صاحبي لَمَّا رأى الدرب دونه
... وأيقنَ أنّا لاحقان بقيصرا «4»