ذَلِكَ: قَالَ الله عَزَّ وَجَلَّ (وَيَوْمَ «1» الْقِيامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ) والمعنى تَرَى وجوهَهم مسودّة. وَذَلِكَ عربيّ لأنَّهم يَجدونَ المعنى فِي آخر الكلمة فلا يبالونَ ما وقع عَلَى الاسم المبتدأ. وَفِيهِ أن تكرَّ ما وقع عَلَى الاسم المبتدأ عَلَى الثاني كقوله (لَجَعَلْنا لِمَنْ «2» يَكْفُرُ بِالرَّحْمنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً) فأعِيدَت اللام فِي البيوت لأنَّها التي تُرادُ بالسقف ولو خفضت ولم تظهر اللام كَانَ صوابا كما قال الله عز وجل (يَسْئَلُونَكَ «3» عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ قِتالٍ فِيهِ) .
فلو خفض قارئ الأعمال فقال (أَعْمالُهُمْ كَرَمادٍ) كَانَ جائزًا ولم أسمعه في القراءة. وقد أنشدني بعضهم:
ما للجمَالِ مَشْيِهَا وئيدًا
... أجندلًا يحملن أَمْ حديدًا «4»
أرادَ ما للجمال ما لمشيها وئيدًا. وقال الآخر «5» :
ذرِيني إِن أمركِ لن يُطاعا
... وما ألفيتني حِلْمِي مُضَاعَا
فالحلمُ منصوبٌ بالإلقاء عَلَى التكرير ولو رفعته كَانَ صَوَابًا.
وقال (فِي يَوْمٍ عاصِفٍ) فجعل العصوف تابعًا لليوم فِي إعرابه، وإنَّما العصُوف للريح. وَذَلِكَ جائز عَلَى جهتين، إحداهما أن العصوفَ وإن كَانَ للريح فإن اليوم يوصف بِهِ لأن الريح فِيهِ تكون، فجاز أن تَقُولَ يوم عاصف كما تَقُولُ: يوم بارد ويوم حار. وقد أنشدني بعضهم:
يومين غيمين ويوما شمسا