وقد كَسَر أهل «1» المدينة يريدونَ أن يجعلوا النون مفعولًا بِهَا. وكأنّهم شدّدوا النون فقالوا (فَبِمَ تُبَشِّرُونَ قالُوا) ثم خفّفوها والنِّيَّة عَلَى تثقيلها كقول عَمْرو بن معدي كرب:
رأته كالثُّغَام يُعَلُّ مِسْكًا
... يسوء الفالياتِ إذا فَلَيْنِي «2»
فأُقسم لو جعلتُ عَليّ نَذْرًا
... بطعنةِ فارس لقضَيتُ دَيْنِي
وقد خففت العرب النون من أن الناصبة ثُمَّ أنفذوا لَهَا نصبها، وهي أشد من ذا. قَالَ الشاعر:
فلو أَنْكِ فِي يوم الرخاء سألتني
... فراقَكِ لَمْ أبخل وأنت صديق
فما رُدَّ تزويج عَليه شهادة
... وما رُدَّ من بعد الْحَرار عَتِيقُ «3»
وقال آخر «4» :
لقد علم الضَّيْفُ والْمُرْمِلُونَ
... إذا اغبرَّ أُفْقٌ وهبَّتْ شَمَالا
بأنْك الربيعُ وغيث مَرِيع
... وقدْمًا هناك تكون الثِّمَالا
وقوله: وَقَضَيْنا إِلَيْهِ ذلِكَ الْأَمْرَ أَنَّ دابِرَ هؤُلاءِ مَقْطُوعٌ 66 أنَّ مفتوحة عَلَى أن ترد عَلَى الأمر فتكون فِي موضع نصب بوقوع القضاء عليها. وتكون نَصْبًا آخر بسقوط الخافض منها أي قضينا ذَلِكَ الأمر بِهذا. وهي فِي قراءة عبد الله (وَقُلْنَا إِنّ دابِرَ) فعلى هَذَا لو قرىء بالكسر لكان وجها.
وأما (مُصْبِحِينَ) إذا أصبحوا، ومشرقين إذا أشرقوا. وَذَلِكَ إذا شرقت الشمس. والدابر: الأصل.
شرقت: طلعت، وأشرقت: أضاءت.