الناس «1» (وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ) خَفيفة وهما متقاربان. وإذا قلت للرجل قد بُدّلت فمعناه غُيِّرت وغَيِّرت حالك ولم يأت مكانك آخر. فكل ما غُيِّر عَن حاله فهو مُبَدَّل بالتشديد. وقد يَجوز مُبْدَل بالتخفيف وليس بالوجه: وإذا جعلت الشيء مكان الشيء قلت: قد «2» أبدلته كقولك (أبدل لي «3» ) هَذَا الدرهم أي أعطني مَكَانه. وبَدّل جائزة «4» فمن قال (وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً) فكأنه جعل سبيل الخوف أمْنًا. ومن قَالَ (وليُبْدِلَنّهم) بالتخفيف قَالَ: الأمن خلاف الخوف فكأنه جَعل «5» مكان الخوف أَمْنًا أي ذهبَ بالخوفِ وَجَاءَ بالأمن. وهذا من سعة العربية وقال أَبُو النجم:
عزل الأمير للأَمير المبدَل
فهذا يوضح الوجهين جَميعًا.
وقوله: لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا 57 قرأها حَمْزَةُ «6» (لا يَحْسَبنَّ) بالياء هاهنا «7» . وموضع (الَّذِينَ) رفع. وهو قليلٌ أن تعطل (أظنّ) من الوقوع عَلَى أن أو عَلَى اثنين سِوَى مرْفوعها.
وكأنه جَعَلَ (مُعْجِزِينَ) اسمًا وجعل (فِي الْأَرْضِ) خبرًا لَهم كما تَقُولُ: لا تحسبنّ 129 ب الَّذِينَ كفروا رجالًا فِي بيتك، وهم يريدون أنفسهم. وهو ضعيف فِي العربية. والوجه أن تُقرأ بالتاء لكون الفعل واقعًا عَلَى (الَّذِينَ) وَعَلَى (معجزين) وكذلك قرأ حَمْزَةُ فِي الأنفال (ولا يحسبن «8» الذين كفروا سبقوا) .