وقوله: أَنْ كُنَّا أَوَّلَ الْمُؤْمِنِينَ 51 وجه الكلام أن تفتح (أَنْ) لأنَّها ماضية وهي فِي مذهب جزاء. ولو كُسرت ونُوي بِما بعدها الجزم كَانَ صوابًا. وقوله: (كُنَّا أَوَّلَ الْمُؤْمِنِينَ) يقولون: أول مؤمني أهل زماننا.
وقوله: إِنَّ هؤُلاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ. 54 يقول عُصْبَة قليلة وقليلون وكثيرون وأكثر كلام العرب أن يقولوا: قومك قليل وقومنا كَثِير. وقليلونَ وكثيرونَ جائز عربي وإنما جازَ لأن الْقِلّة إنّما تدخلهم جَميعًا. فقيل: قليل، وأوثر قليل عَلَى قليلين. وجازَ الجمع إذ كانت الْقِلة تلزم جَميعهم فِي المعنى فظهرت أسماؤهم عَلَى ذَلِكَ. ومثله أنتم حَيٌّ واحد وحيّ واحِدُونَ. وَمَعْنَى وَاحِدُونَ واحدٌ كما قَالَ الكميت:
فردّ قواصِي الأحياء منهم
... فقد رَجَعوا كحيّ واحدينا «1»
وقوله: حاذِرُونَ 56 وحِذرُونَ حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا الْفَرَّاءُ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو لَيْلَى السِّجِسْتَانِيُّ عَنْ أَبِي جَرِيرٍ «2» قَاضِي سِجِسْتَانَ أَنَّ ابن مسعود قرأ «3» (وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حاذِرُونَ) يَقُولُونَ: مُؤَدُّونَ فِي السِّلاحِ. يقول: ذَوو أداةِ من السلاح. و (حَذِرُونَ) وَكَأنَ الحاذِر: الَّذِي يَحذرك الآن. وكأن الحذِر: المخلوق حَذِرًا لا تلقاه إلّا حذرا.
وقوله: إِنَّا لَمُدْرَكُونَ 61 وَ (لَمُدركونَ «4» ) مفتعلونَ من الإدراك كما تَقُولُ: حفرت واحتفرت بمعنى واحد، فكذلك (لمدركون) و (لمدّركون) معناهما واحد والله أعلم.