ومثله قول الشاعر «1» :
إذا أنا لم أو من عليك ولم يَكُنْ
... لقاؤكِ إلا من وراءُ وَرَاءُ
ترفع إِذَا جعلته غاية ولم تذكر بعده الَّذِي أضفته إِلَيْهِ فإن نويت أن تُظهره أو أظهرته قلت: لله الأمر من قبل ومن بعد: كأنك أظهرت المخفوض الَّذِي أسندت إِلَيْهِ (قَبْل) و (بعد) .
وسمع الْكِسَائي بعض بني أسد يقرؤها (لله الأمرُ من قبل ومن بعدُ) يخفض (قبل) ويرفع بعد) عَلَى ما نوى وأنشدني (هُوَ يعني) «2» الْكِسَائي:
أكابِدَها حتى أعرّس بعد ما
... يكون سُحُيْرًا أو بُعَيْدَ فأهْجَعَا
أراد بُعَيْدَ السّحر فأضمره. ولو لَمْ يُرد ضمير الإضافة لرفع فقال: بُعَيْدُ. ومثله قول الشاعر «3» :
لَعَمْرُكَ ما أدري وإنى لأوجل
... على أيّنا تعدو المنَّيةُ أوّلُ
رفعت (أول) لأنه غاية ألا ترى أنها مسندة إلى شيء هي أوله كما تعرف أن (قبل) لا يكون إلا قبل شيء، وأنّ (بعد) كذَلِكَ. ولو أطلقتهما بالعربية فنوَّنت وفيهما معنى الإضافة فخفضت فِي الخفض ونوَّنت فِي النصب والرفع «4» لكان صوابًا، قد سُمع ذَلِكَ من العرب، وجاء فِي أشعارها، فقال بعضهم:
وساغَ لي الشرابُ وكنتُ قبلا
... أكاد أغصّ بالماء الحميم «5»
فنوَّنَ وكذلك تَقُولُ: جئتك من قبل فرأيتك. وكذلك قوله: