وقوله: بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ 33 المكر لَيْسَ لليل ولا للنهار، إنما المعنى: بَلْ مكركم «1» بالليل والنهار. وقد يَجوز أن نضيف الفعل إلى الليل والنهار، ويكونا كالفاعلين، لأن العرب تَقُولُ: نهارك صائم، وليلك نائم، ثُمَّ تضيف الفعل إلى الليل والنهار، وهو فِي المعنى للآدميين، كما تَقُولُ: نام لَيْلُكَ وعَزَم الأمرُ، إنما عَزَمه القوم. فهذا مما يُعرف معناه فتتسع بِهِ العرب.
وقوله: زُلْفى إِلَّا مَنْ آمَنَ 37 (مَنْ) فِي موضع نصب بالاستثناء. وإن شئت أوقعت عليها التقريب، أي لا تقرِّب الأموال إلا من كَانَ مطيعًا. وإن شئت جعلته رفعًا، أي ما هُوَ إلا من آمن.
ومثله (لا يَنْفَعُ «2» مالٌ وَلا بَنُونَ إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ) وإن شئت جعلت (مَنْ) فِي موضع نصب بالاستثناء. وإن شئت نصبًا بوقوع ينفع. وإن شئت رفعًا فقلت: ما هُوَ إلا من أتى الله بقلبٍ سُلَيْم.
وقوله: (وَما أَمْوالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ بِالَّتِي) إن شئت جعلت (التي) جامعة للأموال والأولاد لأن الأولاد يقع عليها (التي) فلمّا أن كانا جَمْعًا صلح للتي أن تقع عليهما. ولو قَالَ:
(باللتين) كَانَ وجهًا صوابًا. ولو قَالَ: باللذين كما تَقُولُ: أمّا العسكر والإبل فقد أقبلا. وقد قالت العرب: مرّت بنا غَنَمان سُودان «3» ، فقال: غَنَمان: ولو قَالَ: غَنَم لجاز. فهذا شاهد لمن قال (بالتي) ولو وجهت (التي) إلى الأموال واكتفيت بِهَا من ذكر الأولاد صلح ذَلِكَ، كما قَالَ مرَّار الأسَدي:
نحن بِمَا عندنا وأنت بِمَا
... عِندك راضٍ والرأيُ مختلفُ «4»
وقال الآخر:
إنّي ضمنت لمن أتاني ما جنى
... وأبي وكان وكنت غير غدور «5»