لقوله (وَالْقُرْآنِ) كما تَقُولُ: نزلَ والله. وقد زعم قوم أنّ جَوَاب (وَالْقُرْآنِ) (إِنَّ ذلِكَ «1» لَحَقٌّ تَخاصُمُ أَهْلِ النَّارِ) وَذَلِكَ كلام قد تأخّر تأخُّرًا كثيرًا عَن قوله (والقرآن) وجرت بينهما قِصص مختلفة، فلا نَجد ذَلِكَ مُستقيمًا فِي العربية والله أعلم.
ويُقال: إن قوله (وَالْقُرْآنِ) يمين اعترض كلام دون مَوقع جوابها، فصَار جوابها جوابًا للمعترضِ ولها، فكأنه أراد: والقرآن ذى الذكر لَكَمْ أهلكنا، فلمّا اعترض قوله: بَلِ الَّذِينَ كفروا فى عزّة وشقاق: صارت (كم) جَوَابًا للعزة ولليمين. ومثله قوله (وَالشَّمْسِ «2» وَضُحاها) اعترض دون الجواب قوله (وَنَفْسٍ وَما سَوَّاها فَأَلْهَمَها) فصارت (قَدْ أَفْلَحَ) تابعة لقوله (فَأَلْهَمَها) وكفى من جَواب القسم، وكأنه كَانَ: وَالشَّمْسِ وضحاها لقد أفلح.
وقوله: فَنادَوْا وَلاتَ حِينَ مَناصٍ 3 يقول: لَيْسَ بحين فِرار. والنَوْص: التأخّر فِي كلام العرب، والبَوْص: التقدم وقد بُصْته.
وقال امرؤ القيس:
أمِن ذكر ليلى إذ نَأَتكَ تَنُوص
... وتَقْصُر عنها خُطوةً وتَبُوص
فمناص مَفْعَل مثل مقام. ومن العرب من يضيف لات فيخفض. أنشدوني:
... لات ساعةِ مَنْدَمِ «3»
ولا أحفظ صَدره. والكلام أن ينصب بِهَا لأنها فِي معنى لَيْسَ. أنشدني المفضل:
تذكّرَ حبّ ليلى لاتَ حينا
... وأضحى الشيب قد قطعَ القرينَا