ويبين ذَلِكَ قوله: (ثُمَّ بَدا لَهُمْ «1» مِنْ بَعْدِ مَا رَأَوُا الْآياتِ لَيَسْجُنُنَّهُ) أَلَا ترى أَنَّهُ لا بد لقوله (بَدا لَهُمْ) من مرفوع مضمر فهو فِي المعنى يكون رفعًا ونصبًا. والعربُ تنشد بيت امرئ القيس:
فقلتُ يَمينَ الله أبرحُ قاعدًا
... ولو قطّعوا رَأْسِي لديكِ وَأوصالِي
والنصبُ فِي يمين أكثر. والرفعُ عَلَى ما أنبَأتُك بِهِ من ضمير (أن) وَعَلى قولك عَلَيّ يمين.
وأنشدونا:
فإنّ عليّ الله إن يحملونني
... عَلَى خُطّة إلا انطلقتُ أسيرها
ويروى لا يحملونني.
فلو ألقيت إن لقلت عَليّ الله لأضربنك أي عليّ هَذِه اليمين. ويكون عَلَيّ الله أن أضربك فترفع (الله) بالجواب. ورفعه بعلى أحبُّ إليَّ. ومن نَصَب (الحقَّ والحقَّ) فعلى معنى قولك حقًّا لآتينّك، والألف واللام وطرحهما سواء. وهو بمنزلة قولك حَمْدًا لله والحمدُ لله. ولو خفض الحق الأول خافِضٌ يجعله الله تعالى يعني فِي «2» الإعراب فيقسم بِهِ كَانَ صوابًا والعربُ تُلقي الواو من القسم ويخفضونه سمعناهم يقولون: الله لتفعلنّ فيقول/ 165 ب المجيب: أَلله لأفعلنّ لأن المعنى مستعمل والمستعمل يَجوز فِيهِ الحذف، كما يقول القائل للرجل: كيف أصبحت؟ فيقول: خيرٍ يريد بِخَيْرٍ، فلما كثرت فِي الكلام حذفت.
وقوله: وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ 88 نبأ القرآن أَنَّهُ حَقّ، ونبأ مُحَمَّد عَلَيْهِ السلام أنه نبىّ.
وقوله: (بَعْدَ حِينٍ) يقول: بعد الموت وقبله: لَمّا ظهر الأمر غلموه، ومن مات علمه يقينا.