طمعوا أن يكون سحابَ مطرٍ، فقالوا: هَذَا الَّذِي وعدْتَنا، هَذَا والله الغيث والخير، قَالَ اللَّه قل لهم: بل هُوَ ما استعجلتم بِهِ من العذاب. وفي قراءة عَبْد اللَّه: قل بل «1» ما استعجلتم بِهِ هِيَ ريح فيها عذاب أليم. وهو، وَهي «2» فِي هَذَا الموضع بمنزلة قوله: «مِنْ مَنى تُمْنَى» وَ «يُمْنى» «3» .
من قَالَ: «هُوَ» . ذهب إلى العذاب، ومَن قَالَ: «هِيَ» ذهب إلى الريح.
وقوله: فَأَصْبَحُوا لا يُرى إِلَّا مَساكِنُهُمْ (25) .
قرأها الْأَعْمَش وَعاصم وَحمزة «لا يُرى إِلَّا مَساكِنُهُمْ» «4» .
قَالَ الفراء: وقرأها عليّ بْن أَبِي طالب، رحمه الله.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ قَالَ «5» حَدَّثَنَا الْفَرَّاءُ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ الْخُرَسَانِيُّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّهُ قَالَ: «لا تَرَى إلا مساكنهم» .
حدثنا محمد قال «6» حدثنا «7» الفراء قال و «8» حدثنى الكسائي عنْ قطر بْن خليفة عنْ مجاهد أَنَّهُ قَرَأَ: «فأصبحوا لا تَرَى إلا مساكنهم» . قَالَ: وَقرأ الحسنُ: «فأصبحوا لا تُرى إلا مساكنُهم» وفيه قبح فِي العربية لان العرب إِذَا جعلت فِعل المؤنث قبل إِلا ذَكَّروه، فقالوا:
لم يقم إلا جاريُتَك، وما قام إِلا جاريتك، ولا يكادون يقولون: ما قامت إِلا جاريتك، وذلك أن المتروك أحد، فأحد إِذَا كانت لمؤنث أَوْ مذكر ففعلهما مذكر. ألا ترى أنك تَقُولُ: إن قام أحد منهن فاضرِبه، وَلا تقل: إن قامت إلا مستكرهَا، وَهو عَلَى ذَلِكَ جائز. قَالَ أنشدني المفضل:
ونارنا لم تر نارا مِثْلُها
... قَدْ عِلِمت ذاكَ معدً أكرما «9»
فأنث فعل (مثل) لأنه للنار، وأجود الكلام أن تقول: مارئى إلا مثلها.