وَعَلَى أَنَّ الزُّهْرِيَّ، قَدْ رَوَى عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَبِي طَالِبٍ عِنْدَ مَوْتِهِ وَعِنْدَهُ أَبُو جَهْلٍ، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ فَقَالَ: «يَا عَمِّ قُلْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ كَلِمَةً أَشْهَدُ لَكَ بِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ» ، فَقَالَ لَهُ أَبُو جَهْلٍ، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ أَتَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ؟ وَأَقْبَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْرِضُ عَلَيْهِ وَهُمَا يُعَارِضَانِهِ فَكَانَ آخِرُ كَلِمَةٍ قَالَهَا عَلَى مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَأَبَى أَنْ يَقُولَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ مَا لَمْ أُنْهَ عَنْكَ» فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى} التوبة: 113 وَأَنْزَلَ فِي أَبِي طَالِبٍ {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} القصص: 56
ص: 550 " وَحَدِيثُ مَسْرُوقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ عَلَى غَيْرِ هَذَا فِي نُزُولِ الْآيَةِ قَالَ: " كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَلَسَ عَلَى قَبْرٍ بَيْنَ الْقُبُورِ فَبَكَى حَتَّى ارْتَفَعَ نَحِيبُهُ فَفَزِعْنَا لِذَلِكَ فَلَمَّا قَامَ قَالَ لَهُ عُمَرُ مِمَّا بَكَيْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «عَلَى قَبْرِ آمِنَةَ بِنْتِ وَهْبٍ اسْتَأْذَنْتُ رَبِّي جَلَّ وَعَزَّ فِي الِاسْتِغْفَارِ لَهَا فَأَنْزَلَ عَلَيَّ {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ» } التوبة: 113 الْآيَةَ فَدَخَلَنِي مَا يَدْخُلُ الْوَلَدَ لِوَالِدَيْهِ فَبَكَيْتُ " قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَلَيْسَتْ هَذِهِ الْأَحَادِيثُ بِمُتَنَاقِضَةً لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْآيَةُ نَزَلَتْ بَعْدَ هَذَا كُلِّهِ وَلَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنَ الْأَحَادِيثِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَغْفَرَ لِمُشْرِكٍ