وهذا من عمر وابن عمر (١) لما كانا عليه من الشديد على أنفسهما، وكلما زاد إيمان العبد اشتد خوفه، وكلما قويت معرفته بالله كان أشد خوفا، ولم يحرم الله تبارك وتعالى ما خلق من الطيبات إذا قدر عليها من الحلال، وإنما تركها من تركها خوفا من الفتنة بها، وأن تكون ذريعة إلى المحرمات إشفاقا، والله أعلم.

قال الله تبارك وتعالى: {ائْتُونِي بِكِتَابٍ مِنْ قَبْلِ هَذَا أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} (٢).

حدثنا محمد بن الحسين بن مكرم (٣)، وحدثني أبي (٤) قالا: حدثنا محمد بن يسار بُنْدار (٥) قال: حدثنا يحي بن سعيد القطان، عن سفيان الثوري، عن صفوان ابن سليم (٦)، عن أبي سلمة (٧)، عن ابن عباس، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في قوله: {أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ

عِلْمٍ} قال: ? الخط? (٨).

(١) لم يرد ذكر ابن عمر في ما سبق من روايات، وقد بحثت عن أثر له بهذا المعنى فلم أجد، فربما ذكره هنا لأنه هو الراوي عنه أبيه - رضي الله عنهم -.
(٢) سورة الأحقاف (٤).
(٣) هو: محمد بن الحسين بن مكرم، أبو بكر البغدادي، قال ابن فهد: ما قدم علينا من بغداد أعلم بحديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أبي بكر بن مكرم، توفي بالبصرة سنة ٣٠٩ هـ. ينظر: تاريخ بغداد (٢/ ٢٣٣) والعبر للذهبي (٢/ ١٥٠).
(٤) هو والد القشيري، لم أجد له ترجمة ينظر: القسم الدراسي من هذه الرسالة ص: ٦٥.
(٥) كذا في الأصل: يسار، وهو تصحيف، وصوابه بشار، كما في المصادر التي ترجمت له.
وهو: محمد بن بشار بن عثمان بن داود بن كيسان العبدي البصري، أبو بكر بندار، قال العجلي: ثقة بصري كثير الحديث، توفي سنة ٢٥٢ هـ. ينظر: الكاشف (٣/ ٢١) والتهذيب (٥/ ٤٣).
(٦) هو: صفوان بن سليم الزهري القرشي مولاهم، أبو عبد الله المدني، قال ابن سعد: كان ثقة كثير الحديث عابدا، توفي سنة ١٣٢ هـ. ينظر: طبقات ابن سعد (٥/ ٢٦٢) وتهذيب التهذيب (٢/ ٥٤٧).
(٧) هو: أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف الزهري، تقدم.
(٨) أخرجه الحاكم ٢/ ٤٩٣ كتاب التفسير، سورة الأحقاف به، وقال: على شرط الشيخين، والطبري (١١/ ٢٧٢) بنحوه.