المطلب الثاني: طريقة تفسير الآيات إجمالا.
في هذا المطلب سأعقد مقارنة مختصرة بين هذين الإمامين، في أبرز ما يتعلق بمنهجهما في التفسير، مقتصرا عل الملامح العامة، التي تعطي تصورا مجملا عن الكتابين، محاولا ـ جهدي ـ إبراز ما تميز به أحدهما عن الآخر، ولتوضيح ذلك سأقسم هذا المطلب إلى خمس فقرات:
الفقرة الأولى: مصادر الكتابين.
تميز القشيري بأن كتابه يعتمد في أساسه على الرواية المسندة المتصلة، بشكل كبير، سواء كان بسند صاحب الأصل القاضي إسماعيل، أو سند القشيري نفسه، وهي ميزة لا توجد عند ابن العربي مطلقا؛ لأن عصر ابن العربي قد ضعفت فيه الرواية عما كان عليه الحال في عصر القشيري، أو من كان قبله.
وفضلا عن مصدر الرواية الذي قام عليه أصل كتاب القشيري، فهناك عدد قليل من الكتب التي رجع إليها، أشرتُ في الفصل السابق إليها، وتكلمت عليها (١).
على أن القشيري وإن كانت له هذه السمة الأصيلة في كتابه، فقد امتاز عنه ابن العربي بذاك العدد الضخم من المصادر العلمية التي اطلع عليها، بعد استقرار العلوم وتحرر الفنون، وتحدد أمهاتها التي يعتمد عليها، فاستفاد منها، ونقل عنها، وقد رأينا ذلك آثارا واضحة، في تعدد المجالات التي خاض غمارها وتكلم فيها، ويمكن ذكر أهم المصادر التي اعتمد عليها، ونص عليها في كتابه (٢):
* في التفسير:
١. جامع البيان لابن جرير الطبري.
(١) ينظر من هذه الرسالة: ص ٨٦.
(٢) ينظر: ابن العربي وتفسيره أحكام القرآن ص ٤٣.