المطلب الثالث: الحالة العلمية
يعتبر هذا العصر من أزهى عصور الثقافة الإسلامية بشتى أصنافها ومجالاتها، حيث انتشرت حركة التأليف، والتدريس، والرحلة في طلب العلم.
وقد كان لهذا الانتشار والازدهار - مع تلك الظروف السياسية غير المستقرة - أسباب عدة، يمكن إجمال أهمها فيما يلي:
١ - استقلال بعض الأقطار عن مركز الخلافة في بغداد، فأصبح كل قطر مركزاً لحركة علمية وأدبية، وأصبح الأمراء يتنافسون في تقريب العلماء، وتشجعيهم على التأليف، والمساهمة في نشر الثقافة الإسلامية.
٢ - ظهور تلك الفرق الإسلامية والتي اتخذت الثقافة والعلم وسيلة لتحقيق مآربها السياسية، حيث كان للجدل الذي قام بين هذه الفرق وأهل السنة والجماعة أثر في هذه النهضة العلمية.
٣ - المناظرات التي كانت تعقد في المساجد وقصور الأمراء سواء بين الفرق الإسلامية المختلفة، أو المذاهب الفقهية المعروفة، كان لها الأثر الواضح في ازدهار الحركة العلمية.
٤ - الترجمة، وما نقل من ذخائر الأمم المختلفة من اليونان، والفرس، والهند إلى اللغة العربية، كان مؤثراً في انتشار الثقافة.
٥ - كثرة دور الوراقين، واهتمام الناس باقتناء الكتب وشرائها. (١)
هذا الازدهار للثقافة العربية ليس محصوراً في فن معين، بل كان في كل الفنون والعلوم، ابتداء بالعلوم الشريعة بكافة تخصصاتها، وعلوم اللغة العربية، والعلوم التطبيقية، والعلوم الإنسانية.
(١) تاريخ الإسلام د. حسن إبراهيم: ٣/ ٣٣٢، العصر العباس الثاني: ١٢٢، ١٣١، ظهر الإسلام: ١/ ٩٤.