الأمر الثاني: استشهاده بالشعر على أسلوب عربي قرره في الآية، ومن الأمثلة على ذلك قوله: ، فلما قيل: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ} (١) علم أنه مبتدأ في كل ذي عسرة عليه دين، فصار في معنى: وإن وقع ذو عسرة، كما يقول القائل: قد كان الأمر، أي وقع، وكما يقول: أعرفه منذ كان، وقال الله تبارك وتعالى: {إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ} (٢) فقرئت بالرفع؛ لأن ذلك لم يعطف على شئ قد مضى فينصب، وإنما هو في معنى: وإن وقع تجارة حاضرة، وقال الشاعر:
فدا لبني شيبان أمي وخالتي ... إذا كان يوم ذو كواكب أشهب
أي إذا وقع يوم بهذه الصفة.
ومن الأمثلة أيضاً قوله: وقوله عز وجل: {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ} (٣) وامسحوا روؤسكم واحد، وهذه الباء تدخل في الكلام، والمعنى فيها وفي إسقاطها واحد عند أهل اللسان؛ لأنك تقول: ليس فلان قاتلاً، وليس فلان بقاتل، قال الشاعر:
كفى الشيب والإسلام للمرء ناهياً
فكان مثل قوله: كفى بالشيب والإسلام. (٤)
القسم الثاني: منهجه في القراءات.
اهتم المؤلف بجانب القراءات، فيذكرها مع من قرأ بها، ولا يلتزم ذكر القراء السبعة المعروفين؛ لأن مسبع السبعة ابن مجاهد (٢٤٥ - ٣٢٤ هـ) عاصر صاحب الأصل القاضي إسماعيل (ت ٢٨٢ هـ)، وصاحب المختصر القاضي بكر بن العلاء (ت ٣٤٤ هـ)، فقد يكون هذا التقسيم لم يشتهر إلا بعد ذلك.
(١) سورة البقرة: الآية ٢٨٠ انظر من هذه الرسالة ص: ٤٠٤.
(٢) سورة البقرة: الآية ٢٨٢
(٣) سورة المائدة: الآية ٦ انظر من هذه الرسالة ص: ٦٣٢.
(٤) وانظر أيضاً ص: ٣١٢، ٤٨٤، ٥٦٠.