وإن كان القياس عند أهله حمل الشيء على نظيره، وسالك شبه
المسكوت عنه مسلك المذكور باسمه فهذا بعيد منه، إذ لو كان هذا مثله
وجب أن يكون جميع الروحانيين من الطير والهوام، وسائر الدبيب.
والحشرات نابتًا من الأرض كما كان آدم وذريته نابتين منه، بمعنى أنهم
مخلوقون منها.
ولو فهم القوم عن دافعي القياس قولهم لعلموا أنهم لا ينكرون فهم
خفي الخطاب بفصيح الكلام، وأن الذي يمتنعون منه إنما هو إنشاء العلل
في الملفوظ، ليحملوا عليها غير الملفوظ.
فأمّا العلة الدالة عليها لفظ النص وسياقه، فلا يتمانعوها، إذ هي
ودليل الشيء على نفسه، وفهم ما يدق على غير أهل اللسان بالجليل عند
أهل اللسان.
وقد بينا في سورة آل عمران في فصل قوله: (إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ) ، وهو أكثر اشتباهًا من هذا الفصل.
وفي فصول كثيرة على نسق السور ما لو فهموه لأغناهم عن كثير من
توهمهم، وأنبأهم عما يشكل عليهم مما ليس بمشكل عند من شرح
الله صدره، ولم يكابر عقله.
وهم يضربون عن تبصره صفحًا اقتداء بمن لا يفهمون فهمه،