ولم يعتبوا عقولهم لعلموا: أن كل كلام ابتدأ به متكلم، ولفظ به
لافظ، لا يقدر أحد غيره أن يتكلم به، ولا يلفظ به أبدًا، لأن الذي
يحتمله من نطق غيره، ويؤديه إلى الأسماع هو كلام المبتدي به - لا
محالة - لا كلامه، إذ محال أن يكون كلام واحد لمتكَلِّمَين، ولفظ
واحد للافظين في حال واحدة، ولا في حالين -أيضاً - إن ظن
ظان أنه يمكن في حالين، لأنه لا يكون إلا حالاً واحدة، إذ حال
الكلام واحد بالسبق إليه.
والحال الثانية: تكون للأداء والإخبار، وكلاهما غير كلام المبتدي
. وكلام المبتدي واحد حين ابتدأ، وحين أخبر عنه وأدي.
فإن كان هذا الإخبار والأداء عن كلام غير القرآن من كلام البشر.
كان -أيضاً - كلام ذلك البشر، لأن كلام المخبر والمؤدي إخبار
وأداء وإن كان الأداء والإخبار عن القرآن، الذي هو