ولا نقول نحن بكيفيتهما من غير أن نتجاهلهما، فنزيل عنهما
الحقائق ونأخذ بهما طريق المجازات، فندخل في التعطيل، لأن من
نفى عن الله جل جلاله - حقائق وصفه، أو حقائق فعله فقد عطله.
ومن عطله، فقد كفر وحل دمه. وإن لم يثبت وأخذ بالسميع
والبصير إلى معنى الإدراك خوفًا من التشبيه لم يسلم من التشبيه بل
تعجل الخسران في ترك لفظين نازلين في كتابه، ورد اسمين له -
سبحانه - إلى اسم واحد، وهو "المدرك ".
وكيف يسلم من التشبيه؟! أليس للمخلوق - أيضاً - إدراك لأشياء.
وإن لم يدرك جميعها، كما يدرك الله جميعها؟! ، كما له أن علمًا
بأشياء، وإن لم يحس بجميعها، كما يعلم الله جميعها فهو يسمى عالمًا
وعليمًا، ويسمى الله عالمًا وعليمًا، فلا يكون تشبيهًا كما يظنه
الجهمي المخدوع، لأن علم المخلوق الذي سُمي به عالمًا وعليمًا مستفاد
متعلم، وعلمه - سبحانه - أزلي صفة من صفاته غير متعلم ولا مستفاد، كذلك سمع المخلوق مصنوع فان، وبصره مثله يفنيهما الله إذا شاء، ثم يعيدهما إذا أحياه كما ابتدأهما بقدرته، وكذلك بصره.