والسعي في اكتسابها.
وإن تنطع الصوفية كما يدعون من ترك الاشتغال بها، والاقتصار على
العمل الصالح الرضي وحده، لا للرغبة في الجزاء عليه.
من مباشرة ما وعده الله - تبارك وتعالى - وأعده لأهل الجنة مذموم من
قولهم، وغير مرضي من فعلهم، لأن رضى الله - جل جلاله - وإن كان
من أجلّ الجزاء وأعظم النعيم فليس بمانع من الرغبة في مباشرة ملاذ
النفوس، والتمتع بما هو من حظها، وإنه لا يحطه من درجة طلاب
الرضى.
وإنما نهوا عنه في الدنيا وندبوا إلى الزهد فيها، لأن محظورها يفضي
بهم إلى المحرم ويكسبهم النار، ومباحها يفضي بهم إلى الفتور والكسل
والرغبة في الدنيا عن مباشرة تعب العبادة ونصبها، وتصعّب عليهم
تجرع المرارات، وتطمئن إلى الراحات وإيثار الحلاوات عليها.
فإذا دخلوا الجنة وانتقلوا عن دار المحن، ورفعت عنهم العبادة تلذذوا
بمحابّ النفوس من الأكل، والشرب، وأنواع النعيم من معانقة الحور.
ومن يزوجون من الآدميات المطيعات، ويرد إليهم من الزوجات اللواتي
كن لهم في الدنيا، فلم يضرهم ذلك، ولا خشوا مقتًا من ربهم،