بين المسكوت عنه والملفوظ به في التحريم حتى يكون من الله جل
جلاله، أو رسوله - صلى الله عليه وسلم - المفروض طاعته، أو
جماعة المسلمين المعصومين من الخطأ - إِذْنٌ في جميع أحكامها كما ابتدأ
الملفوظ به المنصوص عليه بحكم التحريم، وكما ابتدأ الرسل بالمن
عليهم، وباين بينهم وبين أشباههم المساوين في البشرية
فخصهم بالرسالة، ثم لم يجعل حكم سائر المساوين لهم في الجنس
أحكامهم في الرسالة، لأن أشبهوهم في الجنسية، فهلا يعتبر المعتبر
أن الله - جل جلاله - لما ابتدأ على لسان رسول الله - صلى الله عليه
وسلم - بعض المتساويات في الأشباه، والمتفقات في الأغذية والأقوات
بتحريم التزايد فيها كيف شاء لا معقب لحكمه لم يكن للناظر في سائر
أشباهها أن يُسَوِّيَ بين أحكامها، كما لم يكن للمبعوثين إليهم أن
يسووا بينهم وبين رسلهم في إبطال رسالتهم لأن أشبهوهم في البشرية.
فهذا واضح لا إشكال فيه عند من شرح الله صدره، وَدَاله على أن
للأشباه وإن اعتدلت في المثل، واتفقت في العنى لم يوجب بأنفسها اتفاق
أحكامها في تناولها وحظرها، لأن اعتدال أنفسها اعتدال خِلْقة.
وتناولها حكم عبادة وائتمار وانتهاء، فأحكام التناول منوطة بالمتعبد
الآمر الناهي، غير مقتصر بها على اعتدال نفس تلك الأشباه، فمن
وُفقَ لفهم هذا أغناه عن كثير من تطويل المطولين في نفي القياس.
وَزَهَّده في سلك طريق القياسيين، وقرر عنده أن الأشياء متساوية
المنافع معتدلة معاني ما يلتمس من أنفسها، متقاربة الخلق قبل نظر