قطع كل لُبسة أن الرؤية هي رؤية العين لا علم القلب، إذ محال أن يقول
بصير: رأيت القمر وهو لايراه بعينه.
ولقد بلغني عن سفيه من سفهائهم أنه قال: معنى قوله - صلى الله
عليه وسلم -: " ترون ربكم كما ترون القمر لا تُضَامُون في رؤيته) . أي
تعرفون ربكم يوم القيامة اضطرارًا لا شك فيها كما أن معرفتكم للقمر في
الدنيا اضطرار لا شك فيه.
فتأويله: أترى الأنبياء وأصحابهم والمؤمنون كلهم لم يعرفوا الله في
الدنيا معرفة يقين لا شك فيها حتى يوافوا يوم القيامة فتزول شكوكهم
في معرفته حينئذ، أو ترى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حيث
قال: (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ) أمر بها لا وصول له
إليه، أو رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان شاكّا في علمه.
أوليس يقول تبارك وتعالى: (وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ (75) ، ولم يزل ينفي الربوبية عن كل آفل