فلم يمدحهم بقلة العطية، لأن ذلك هجو. إنما مدحهم باجتناب الخطأ فيها.
ألا ترى أنه قد ضَمّ السرف إلى المن ونفيها معًا عن القوم
وكلاهما مدح، والسرف وإن كان منهيا عنه فليس بتبذير. إنما
التبذير: ما يستعان به على المعاصي وحدها.
والسرف قد يكون في طلب الثواب وغيره من المباحات، لأن دفع
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قميصه إلى المرأة كان في التماس
ثواب، فلما أخرجه إلى العُري نهُي عنه وأمر بالقصد، والقصد مع
ذلك قصدان: فللموسع قصد على مقدار اتساعه، وللمقتر قصد على
قدر إقتاره.
قال الله تبارك وتعالى: (لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ) .
* * *
قوله تعالى: (وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ)