فمنها: أن العلم غير مقسوم على فضائل الرجال ودرجاتهم عند الله.
حتى يكون من هو أعظم فضلا في عمله ودرجته أعلم في دينه، وغير
جائز أن يكون الأدون الفضل أعلم في أشياء ممن فوقه في درجة
الفضل، وإنما العلم موهبة من مواهب الله يخص به من يشاء من
عباده، ويفضل بعضهم على بعض فيه فلا تحط زيادة علم واحدة
درجة فضيلة الآخر، ولا فضيلة الآخر تحيل أن يكون من دونه أعلم منه.
ألا ترى أن موسى - صلى الله عليه - قصر علمه عما كان يفعله الخضر - وهو لا محالة أفضل منه - ولم يتخط درجة نبوته وفضله، لأن سبقه الخضر إلى علم لم يعلمه.
وهذا حجة لنا فيما نختار قول الأصاغر من أصحاب رسول الله -
صلى الله عليه وسلم - في بعض الأمكنة على قول الأكابر، ونرى
الحجة في بعض الأشياء مع الأنزل من العلماء دون الأعلى منهم فلا
تكون حطا من درجات الأكابر والفاضلين، ولا طعنا عليهم وبخسا
لحقوقهم.
ذكر أن قلوب المؤمنين مجبولة على إنكار المنكر.