فلزمتهما الحجة بكتابه لكان الاحتجاج حينئذ أشبه للقائسين عليه كتاب
المطلقين وكان يكون عندنا مسلما في وضعه، فكيف وليس شرط لزوم
الحجة الكلام دون غيره كشرط الطلاق في الأصل.
فإن قيل: فقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " تجاوز
الله لأمتي عما حدثت به أنفسها ما لم تنطق به أو تعمل به "
والكتابة عمل.
قيل: الأمة تحدث أنفسها بشيئين: أحدهما: ما ينطق به، والثاني: ما يعمل به.
والطلاق مما ينطق به، فنفسر ما احتج به حجته عليه لأنه حدث نفسه
بالطلاق وهو من سلطان النطق فلم ينطق به، وليس للعمل سلطان على
الطلاق نفسه، لأن الطلاق لا يعمل عملا إنما ينطق به نطقا، والذي
عملت اليد فيه منه فهو حروف هجائية لا الطلاق الواقع على زوجته.
أرأيت رجلا كتب حروف الطلاق في كتاب وهو لا يريد به طلاقا وقد
كتبه ثم قال: قد طلقت هذه الحروف أيقع على امرأته طلاق.
فإن قال: يقع عليها طلاق، فخالف كافة الأمة، وأبدع في الدين
ما ليس فيه، وأحال القول.