ووجدنا من ينفيه قد وافق من يثبته في المكاتب، ووافقه في أن العبد
مَلَك ماله قبل سيده، وإيتاء الإغناء من فضله في باب الإنكاح، والأمر
بالمكاتبة يشهدان له بالملك بلا احتمال معنى سواه، وإذا شهد آيتان
مفردتان لأحدهما يحتمله الآخر بأن كان - والله أعلم - أولى من
الاحتمال إلى الآخر الذي لا شاهد له على الانفراد، فنقول: إن العبد
مالك لماله كالحر مسلط عليه لما تقدم من ملكه بإجماع الأُمة قبل تملك
عليه سيده في قول بعضهم والله يحكم لا معقب لحكمه. فإن
حكم في كتابه أو على لسان رسوله - صلى الله عليه وسلم - بشيء
في ماله، أَوِ اتفق جماعة المسلمين عليه سُلم في موضعه، ولم يجعل ذريعة إلى توهين ملكه الدي هو فيه كالحر، فما حكم في ماله عند بيعه مُسَلمَا للسنة، وأخذ سيده ماله بعد موته دون ورثته وَسُلم للإجماع. وإن عدم رضاه ورضاء ورثته - كما تجعل دية الخطأ في مال العاقلة والجاني غيرهم أحبوا أم كرهوا. ليس لأحد أن يضرب أحكام الله بعضها ببعض ويعقبها، بل عليه التسليم
والرضا لما حكم، وإن اختلف عند الناظر فيه قال الله - تبارك وتعالى
(فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (65) .