أراد أن وقتى الْفَرِيقَيْنِ بِذَلِكَ عَلَى حِيَالِهِ دُونَ الْإِخْبَارِ عَنْهُمَا مَجْمُوعَيْنِ أَلَا تَرَى أَنَّهُمْ قَالُوا كُنَّا أَكْثَرَ عَمَلًا وَأَقَلَّ عَطَاءً وَلَيْسَا بِمَجْمُوعِهِمَا أَقَلَّ عَطَاءً لِأَنَّ عَطَاءَهُمَا جَمِيعًا هُوَ مِثْلُ عَطَاءِ الْمُسْلِمِينَ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ
حَدِيثُ عُرْوَةَ عَنْ بَشِيرِ بْن أَبِي مَسْعُودٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ جِبْرِيلَ أَتَاهُ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي حِينَ صَارَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَهُ فَقَالَ قُمْ فَصَلِّ الظُّهْرَ
فَأَخْبَرَ أَنَّ جِبْرِيلَ أَتَاهُ بَعْدَ الْمِثْلِ فَأَمْرِهِ بِفِعْلِ الظُّهْرِ فَلَوْ كَانَ مَا بَعْدَ الْمِثْلِ مِنْ وَقْتِ الْعَصْرِ لَكَانَ قَدْ أَخَّرَ الظُّهْرَ عَنْ وَقْتِهَا فَإِنْ قِيلَ
فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَجَابِرٍ وَأَبِي سَعِيدٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ صَلَّى الْعَصْرَ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ حِينَ صَارَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَهُ
وَهَذَا يُوجِبُ أَنْ يَكُونَ وَقْتُ الْعَصْرِ بَعْدَ الْمِثْلِ قِيلَ لَهُ أَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ فَإِنَّهُ أَخْبَرَ فِيهِ عَنْ إمَامَةِ جِبْرِيلَ عِنْدَ بَابِ الْبَيْتِ وَذَلِكَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ وَفِيهِ أَنَّهُ صَلَّى الظُّهْرَ مِنْ الْيَوْمِ الثَّانِي لِوَقْتِ الْعَصْرِ بِالْأَمْسِ وَذَلِكَ يُوجِبُ أَنْ يَكُونَ وَقْتُ الظُّهْرِ وَوَقْتُ الْعَصْرِ وَاحِدًا فِيمَا صَلَّاهُمَا فِي الْيَوْمَيْنِ فَإِنْ قِيلَ إنَّمَا أَرَادَ أَنَّهُ ابْتَدَأَ الْعَصْرَ فِي وَقْتِ فَرَاغِهِ مِنْ الظُّهْرِ مِنْ الْأَمْسِ قِيلَ لَهُ
فِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ جِبْرِيلَ أَتَاهُ حِينَ صَارَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَهُ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ فَقَالَ قُمْ فَصَلِّ الْعَصْرَ وَأَنَّهُ أَتَاهُ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي حِينَ صَارَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَهُ فَقَالَ قُمْ فَصَلِّ الظُّهْرَ
فَأَخْبَرَ أَنَّ مَجِيئَهُ إلَيْهِ وَأَمْرَهُ إيَّاهُ بِالصَّلَاةِ كَانَ بَعْدَ الْمِثْلِ وَهَذَا يُسْقِطُ تَأْوِيلَ مَنْ تَأَوَّلَهُ وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ
وَقَدْ رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَأَبُو هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ وَقْتُ الظُّهْرِ مَا لَمْ يَحْضُرْ وَقْتُ الْعَصْرِ
وَفِي حَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التَّفْرِيطُ عَلَى مَنْ لَمْ يُصَلِّ الصَّلَاةَ حَتَّى يَدْخُلَ وَقْتُ الْأُخْرَى
ثَبَتَ بِذَلِكَ أَنَّ مَا فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ مَسْعُودٍ عَلَى النَّحْوِ الَّذِي ذَكَرْنَا مَنْسُوخٌ وَأَنَّهُ كَانَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ وَعَلَى أَنَّهُ لَوْ كَانَ ثَابِتَ الْحُكْمِ لَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ الْفِعْلُ الْآخَرُ نَاسِخًا لِلْأَوَّلِ وَأَنْ يَكُونَ الْآخَرُ مِنْهُمَا ثَابِتًا وَالْآخَرُ مِنْ الْفِعْلَيْنِ أَنَّهُ فَعَلَ الظُّهْرَ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي بَعْدَ الْمِثْلِ وَذَلِكَ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ مَا بَعْدَ الْمِثْلِ مِنْ وَقْتِ الظُّهْرِ
وَفِي حَدِيثِ أَبِي مُوسَى عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ سَأَلَهُ السَّائِلُ عَنْ مَوَاقِيتِ الصَّلَاةِ أَنَّهُ صَلَّى الْعَصْرَ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ قَبْلَ أَنْ تَدْخُلَهَا الصُّفْرَةُ
وَكَذَلِكَ
فِي حَدِيثِ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ صَلَّى الْعَصْرَ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ وَالشَّمْسُ بَيْضَاءُ مُرْتَفِعَةٌ
وَلَا يُقَالُ هَذَا فِيمَنْ صَلَّاهَا حِينَ يَصِيرُ الظِّلُّ مِثْلَهُ وَقَدْ ذَكَرَ أَيْضًا
فِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ صَلَّى الْعَصْرَ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ وَالشَّمْسُ بَيْضَاءُ مُرْتَفِعَةٌ رَوَاهُ جَمَاعَةٌ مِنْ كِبَارِ أَصْحَابِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ مِنْهُمْ