الرِّجْلَيْنِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ مَسْحُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ نُزُولِ الْمَائِدَةِ أَوْ بَعْدَهَا مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ إنْ كَانَ مَسَحَ قَبْلَ نُزُولِ الْآيَةِ فَالْآيَةُ مُرَتَّبَةٌ عَلَيْهِ غَيْرُ نَاسِخَةٍ لَهُ لِاحْتِمَالِهَا مَا يُوجِبُ مُوَافَقَتَهُ مِنْ الْمَسْحِ فِي حَالِ لُبْسِ الْخُفَّيْنِ وَلِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا احْتِمَالٌ لِمُوَافَقَةِ الْخَبَرِ لَجَازَ أَنْ تَكُونَ مَخْصُوصَةً بِهِ فَيَكُونَ الْأَمْرُ بِالْغَسْلِ خَاصًّا فِي حَالِ ظُهُورِ الرِّجْلَيْنِ دُونَ حَالِ لُبْسِ الْخُفَّيْنِ وَإِنْ كَانَتْ الْآيَةُ مُتَقَدِّمَةً لِلْمَسْحِ فَإِنَّمَا جَازَ الْمَسْحُ لِمُوَافَقَةِ مَا احْتَمَلَتْهُ الْآيَةُ وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ نَسْخًا وَلَكِنَّهُ بَيَانٌ لِلْمُرَادِ بِهَا وَإِنْ كَانَ جَائِزًا نَسْخُ الْآيَةِ بِمِثْلِهِ لِتَوَاتُرِهِ وَشُيُوعِهِ وَمِنْ حَيْثُ ثَبَتَ الْمَسْحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ ثَبَتَ التَّوْقِيتُ فِيهِ لِلْمُقِيمِ وَالْمُسَافِرِ عَلَى مَا بَيَّنَّا لِأَنَّ بِمِثْلِ الْأَخْبَارِ الْوَارِدَةِ فِي الْمَسْحِ مُطْلَقًا ثَبَتَ التَّوْقِيتُ أَيْضًا فَإِنْ بَطَلَ التَّوْقِيتُ بَطَلَ الْمَسْحُ وَإِنْ ثَبَتَ الْمَسْحُ ثَبَتَ التَّوْقِيتُ فَإِنْ احْتَجَّ الْمُخَالِفُ فِي ذَلِكَ بِمَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ قَالَ لِعُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ حِينَ قَدِمَ عَلَيْهِ وَقَدْ مَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ جُمُعَةً أَصَبْت السُّنَّةَ وَبِمَا
رَوَى حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ كَثِيرٍ بْنِ شِنْظِيرٍ عَنْ الْحَسَنِ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ فِي السَّفَرِ فَقَالَ كُنَّا نُسَافِرُ مَعَ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَا يُوَقِّتُونَ
قِيلَ لَهُ قَدْ رَوَى سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ لِابْنِهِ عَبْدِ اللَّهِ حِينَ أَنْكَرَ عَلَى سَعْدٍ الْمَسْحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ يَا بُنَيَّ عَمُّك أَفْقَهُ مِنْك لِلْمُسَافِرِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَلَيَالِيهَا وللمقيم يوم وليلة وسويد بْنُ غَفَلَةَ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَلَيَالِيهَا لِلْمُسَافِرِ وَيَوْمٌ وَلَيْلَةٌ لِلْمُقِيمِ وَقَدْ ثَبَتَ عَنْ عُمَرَ التَّوْقِيتُ عَلَى الْحَدِّ الَّذِي بَيَّنَّاهُ فَاحْتُمِلَ أَنْ يَكُونَ
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعُقْبَةَ حِينَ مَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ جُمُعَةً أَصَبْت السُّنَّةَ
يَعْنِي أَنَّك أَصَبْت السُّنَّةَ فِي الْمَسْحِ
وَقَوْلُهُ إنَّهُ مَسَحَ جُمُعَةً
إنَّمَا عَنَى بِهِ أَنَّهُ مَسَحَ جُمُعَةً عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي يَجُوزُ عَلَيْهِ الْمَسْحُ كَمَا يَقُولُ الْقَائِلُ مَسَحْت شَهْرًا عَلَى الْخُفَّيْنِ وَهُوَ يَعْنِي عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي يَجُوزُ فِيهِ الْمَسْحُ لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِهِ أَنَّهُ مَسَحَ جُمُعَةً دَائِمًا لَا يَفْتُرُ وَإِنَّمَا أَرَادَ بِهِ الْمَسْحَ فِي الْوَقْتِ الَّذِي يَحْتَاجُ فِيهِ إلَى الْمَسْحِ كَذَلِكَ إنَّمَا أَرَادَ الْوَقْتَ الَّذِي يَجُوزُ فِيهِ الْمَسْحُ وَكَمَا تَقُولُ صَلَّيْت الْجُمُعَةَ شَهْرًا بِمَكَّةَ وَالْمَعْنَى فِي الْأَوْقَاتِ الَّتِي يَجُوزُ فِيهَا فِعْلُ الْجُمُعَةِ وَأَمَّا قَوْلُ الْحَسَنِ أَنَّ أَصْحَابَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِينَ سَافَرَ مَعَهُمْ كَانُوا لَا يُوَقِّتُونَ فَإِنَّهُ إنَّمَا عَنَى بِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّهُمْ رُبَّمَا خَلَعُوا الْخِفَافَ فِيمَا بَيْنَ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ وَأَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا يُدَاوِمُونَ عَلَى مَسْحِ الثَّلَاثِ حَسْبَمَا قَدْ جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ النَّاسِ أَنَّهُمْ لَيْسُوا يَكَادُونَ يتركون خفافهم لا ينزعون ثَلَاثًا فَلَا دَلَالَةَ فِيهِ عَلَى أَنَّهُمْ كَانُوا يَمْسَحُونَ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثٍ فَإِنْ قِيلَ
فِي حَدِيثِ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ الْمَسْحُ على