اقتضى عموم اللفظ القطع من المنكب إلى أَنْ تَقُومَ الدَّلَالَةُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ مَا دُونَهُ وَجَائِزٌ أَنْ يُقَالَ إنَّ الِاسْمَ لَمَّا تَنَاوَلَهَا إلَى الْكُوعِ وَلَمْ يَجُزْ أَنْ يُقَالَ إنَّ ذَلِكَ بَعْضُ الْيَدِ بَلْ يُطْلَقُ عَلَيْهِ اسْمُ الْيَدِ مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ وَإِنْ كَانَ قَدْ يُطْلَقُ أَيْضًا عَلَى مَا فَوْقَهُ إلَى الْمِرْفَقِ تَارَةً وَإِلَى الْمَنْكِبِ أُخْرَى ثُمَّ قَالَ تعالى فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما وَكَانَتْ الْيَدُ مَحْظُورَةً فِي الْأَصْلِ فَمَتَى قَطَعْنَاهَا من الفصل فَقَدْ قَضَيْنَا عُهْدَةَ الْآيَةِ لَمْ يَجُزْ لَنَا قَطْعُ مَا فَوْقَهُ إلَّا بِدَلَالَةٍ كَمَا لَوْ قَالَ أَعْطِ هَذَا رِجَالًا فَأَعْطَاهُ ثَلَاثَةً مِنْهُمْ فَقَدْ فَعَلَ الْمَأْمُورَ بِهِ إذْ كَانَ الِاسْمُ يَتَنَاوَلُهُمْ وَإِنْ كَانَ اسْمُ الرِّجَالِ يَتَنَاوَلُ مَا فَوْقَهُمْ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ يَلْزَمُكُمْ فِي التَّيَمُّمِ مِثْلُهُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ وقد قُلْتُمْ فِيهِ أَنَّ الِاسْمَ لَمَّا تَنَاوَلَ الْعُضْوَ إلَى الْمَرْفِقِ اقْتَضَاهُ الْعُمُومُ وَلَمْ يُنْزَلْ عَنْهُ إلَّا بِدَلِيلٍ قِيلَ لَهُ هُمَا مُخْتَلِفَانِ مِنْ قِبَلِ أَنَّ الْيَدَ لَمَّا كَانَتْ مَحْظُورَةً فِي الْأَصْلِ ثُمَّ كَانَ الِاسْمُ يَقَعُ عَلَى الْعُضْوِ إلَى الْمَفْصِلِ وَإِلَى الْمِرْفَقِ لَمْ يَجُزْ لَنَا قَطْعُ الزِّيَادَةِ بِالشَّكِّ وَلَمَّا كَانَ الْأَصْلُ الْحَدَثَ وَاحْتَاجَ إلَى اسْتِبَاحَةِ الصَّلَاةِ لَمْ يَزُلْ أَيْضًا إلَّا بِيَقِينٍ وَهُوَ التَّيَمُّمُ إلَى الْمِرْفَقِ وَلَا خِلَافَ بَيْنَ السَّلَفِ مِنْ الصَّدْرِ الْأَوَّلِ وَفُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ أَنَّ الْقَطْعَ مِنْ الْمَفْصِلِ وَإِنَّمَا خَالَفَ فِيهِ الْخَوَارِجُ وَقَطَعُوا مَنْ الْمَنْكِبِ لِوُقُوعِ الِاسْمِ عَلَيْهِ وَهُمْ شُذُوذٌ لَا يُعَدُّونَ خِلَافًا
وَقَدْ رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنُ ثَوْبَانَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَطَعَ يَدَ سَارِقٍ مِنْ الْكُوعِ
وَعَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ أَنَّهُمَا قَطَعَا الْيَدَ من المفصل
ويدل على أن دُونَ الرُّسْغِ لَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ الْيَدِ عَلَى الْإِطْلَاقِ قَوْله تَعَالَى فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ أَنَّهُ يَقْتَصِرُ بِالتَّيَمُّمِ عَلَى مَا دُونَ الْمَفْصِلِ وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِيمَا فَوْقَهُ وَاخْتَلَفُوا فِي قَطْعِ الرِّجْلِ مَنْ أَيِّ مَوْضِعٍ هُوَ
فَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ قَطَعَ سَارِقًا مَنْ خَصْرِ الْقَدَمِ
وَرَوَى صَالِحُ السِّمَانُ قَالَ رَأَيْت الَّذِي قَطَعَهُ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَقْطُوعًا مَنْ أَطْرَافِ الْأَصَابِعِ فَقِيلَ لَهُ مَنْ قَطَعَك فَقَالَ خَيْرُ النَّاسِ
قَالَ أَبُو رَزِينٍ سَمِعْت ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ أَيَعْجِزُ مَنْ رَأَى هَؤُلَاءِ أَنْ يَقْطَعَ كَمَا قَطَعَ هَذَا الْأَعْرَابِيُّ يَعْنِي نَحْوَهُ فَلَقَدْ قَطَعَ فَمَا أَخْطَأَ يَقْطَعُ الرِّجْلَ وَيَذَرُ عَقِبَهَا وَرُوِيَ مِثْلُهُ عَنْ عَطَاءٍ وَأَبِي جَعْفَرٍ مِنْ قَوْلِهِمَا وَعَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي آخَرِينَ يُقْطَعُ الرِّجْلُ مِنْ الْمَفْصِلِ وَهُوَ قَوْلُ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ وَالنَّظَرُ يَدُلُّ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ لِاتِّفَاقِهِمْ عَلَى قَطْعِ الْيَدِ مِنْ الْمَفْصِلِ الظَّاهِرِ وَهُوَ الَّذِي يَلِي الزَّنْدَ وَكَذَلِكَ الْوَاجِبُ قَطْعُ الرِّجْلِ مِنْ الْمَفْصِلِ الظَّاهِرِ الذي يلي الكعب الناتي وَأَيْضًا لَمَّا اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ لَا يُتْرَكُ