في إقَامَةُ الْحُدُودِ فِي الْمَسْجِدِقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ وَالشَّافِعِيُّ لَا تُقَامُ الْحُدُودُ فِي الْمَسَاجِدِ وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ قَالَ أَبُو يُوسُفَ وَأَقَامَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى حَدًّا فِي الْمَسْجِدِ فَخَطَّأَهُ أَبُو حَنِيفَةَ وَقَالَ مَالِكٌ لَا بَأْسَ بِالتَّأْدِيبِ فِي الْمَسْجِدِ خَمْسَةَ أَسْوَاطٍ وَنَحْوَهَا وَأَمَّا الضَّرْبُ الْمُوجِعُ وَالْحَدُّ فَلَا يُقَامُ فِي الْمَسْجِدِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ
رَوَى إسْمَاعِيلُ بْنُ مُسْلِمٍ الْمَكِّيُّ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ طَاوُسٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال لَا تُقَامُ الْحُدُودُ فِي الْمَسَاجِدِ وَلَا يُقْتَلُ بِالْوَلَدِ الْوَالِدُ
وَرُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ جَنِّبُوا مَسَاجِدَكُمْ صِبْيَانَكُمْ وَمَجَانِينَكُمْ وَرَفْعَ أَصْوَاتِكُمْ وَشِرَاكُمْ وَبَيْعَكُمْ وَإِقَامَةَ حُدُودِكُمْ وَجَمِّرُوهَا فِي جُمَعِكُمْ وَضَعُوا عَلَى أَبْوَابِهَا الْمَطَاهِرَ
وَمِنْ جِهَةِ النَّظَرِ أَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ أَنْ يَكُونَ مِنْ الْمَحْدُودِ بِالْمَسْجِدِ مِنْ خُرُوجِ النَّجَاسَةِ ما سبيله أن ينزه المسجد عنه.
في الَّذِي يَعْمَلُ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ يُعَزَّرُ وَلَا يُحَدُّ وَقَالَ مَالِكٌ وَاللَّيْثُ يُرْجَمَانِ أَحْصَنَا أَوْ لَمْ يُحْصِنَا وَقَالَ عُثْمَانُ الْبَتِّيُّ وَالْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ وَالشَّافِعِيُّ هُوَ بِمَنْزِلَةِ الزِّنَا وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ وَإِبْرَاهِيمَ وَعَطَاءٍ
قَالَ أَبُو بَكْرٍ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ زِنًا بَعْدَ إحْصَانٍ وَكُفْرٌ بَعْدَ إيمَانٍ وَقَتْلُ نفس بغير نفس
فحصر صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَتْلَ الْمُسْلِمِ إلَّا بِإِحْدَى هَذِهِ الثَّلَاثِ وَفَاعِلُ ذَلِكَ خَارِجٌ عَنْ ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى زِنًا فَإِنْ احْتَجُّوا بِمَا
رَوَى عَاصِمُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ سُهَيْلِ بن صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الَّذِي يَعْمَلُ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ فَارْجُمُوا الْأَعْلَى وَالْأَسْفَلَ وارجموهما جميعا
وبما روى الدراوردى عن عمر وبن أبى عمر وعن عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ وَجَدْتُمُوهُ يَعْمَلُ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ فَاقْتُلُوا الْفَاعِلَ وَالْمَفْعُولَ بِهِ
قِيلَ لَهُ عَاصِمُ بْنُ عَمْرٍو وَعَمْرُو بْنُ أَبِي عَمْرٍو ضَعِيفَانِ لَا تَقُومُ بِرِوَايَتِهِمَا حُجَّةٌ وَلَا يَجُوزُ بِهِمَا إثْبَاتُ حَدٍّ وَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ لَوْ ثَبَتَ إذَا فَعَلَاهُ مُسْتَحِلَّيْنِ له وكذلك نقول فِيمَنْ اسْتَحَلَّ ذَلِكَ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ الْقَتْلَ
وَقَوْلُهُ فَاقْتُلُوا الْفَاعِلَ وَالْمَفْعُولَ بِهِ
يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ ليس بحد وأنه بمنزلة قوله مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ لِأَنَّ حَدَّ فَاعِلِ ذَلِكَ لَيْسَ هُوَ قَتْلًا عَلَى الْإِطْلَاقِ وَإِنَّمَا هُوَ الرَّجْمُ عِنْدَ مَنْ جَعَلَهُ كَالزِّنَا إذَا كان محصنا