الْقِسْمَةِ وَالشَّرِيكُ أَوْلَى مِنْ الْجَارِ لِمَزِيَّةٍ حَصَلَتْ له كما وصفنا بِالتَّعْصِيبِ وَيَكُونُ الْمَعْنَى الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِهِ وُجُوبُ الشُّفْعَةِ هُوَ الْجِوَارُ وَأَيْضًا لَمَّا كَانَ الْمَعْنَى الَّذِي بِهِ وَجَبَتْ الشُّفْعَةُ بِالشَّرِكَةِ هُوَ دَوَامُ التَّأَذِّي بِالشَّرِيكِ وَكَانَ ذَلِكَ مَوْجُودًا فِي الْجِوَارِ لِأَنَّهُ يَتَأَذَّى بِهِ فِي الْإِشْرَافِ عَلَيْهِ وَمُطَالَعَةِ أُمُورِهِ وَالْوُقُوفِ عَلَى أَحْوَالِهِ وَجَبَ أَنْ تَكُونَ لَهُ الشُّفْعَةُ لِوُجُودِ الْمَعْنَى الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ وَجَبَتْ الشُّفْعَةُ لِلشَّرِيكِ وَهَذَا الْمَعْنَى غَيْرُ مَوْجُودٍ فِي الْجَارِ غَيْرِ الْمُلَاصِقِ لِأَنَّ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ طَرِيقًا يَمْنَعُهُ التَّشَرُّفَ عَلَيْهِ وَالِاطِّلَاعَ عَلَى أُمُورِهِ وأما قوله تعالى وَابْنَ السَّبِيلِ فَإِنَّهُ رُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ وَالرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ أَنَّهُ الْمُسَافِرُ وَقَالَ قَتَادَةُ وَالضَّحَّاكُ هُوَ الضَّيْفُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ وَمَعْنَاهُ صَاحِبُ الطَّرِيقِ وَهَذَا كَمَا يُقَالُ لِطَيْرِ الْمَاءِ ابْنُ مَاءٍ قَالَ الشَّاعِرُ:
وَرَدْتُ اعْتِسَافًا وَالثُّرَيَّا كَأَنَّهَا
... عَلَى قِمَّةِ الرَّأْسِ ابْنُ مَاءٍ مُحَلِّقُ
وَمَنْ تَأَوَّلَهُ عَلَى الضَّيْفِ فَقَوْلُهُ سَائِغٌ أَيْضًا لِأَنَّ الضَّيْفَ كَالْمُجْتَازِ غَيْرِ الْمُقِيمِ فَسُمِّيَ ابْنُ السَّبِيلِ تَشْبِيهًا بِالْمُسَافِرِ المجتاز وهو كما يقال عابر سبيل وَقَالَ الشَّافِعِيُّ ابْنُ السَّبِيلِ هُوَ الَّذِي يُرِيدُ السَّفَرَ وَلَيْسَ مَعَهُ نَفَقَتُهُ وَهَذَا غَلَطٌ لِأَنَّهُ مَا لَمْ يَصِرْ فِي الطَّرِيقِ لَا يُسَمَّى ابْنَ السَّبِيلِ كَمَا لَا يُسَمَّى مُسَافِرًا وَلَا عابر سبيل وقوله عز وجل أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ
يَعْنِي الْإِحْسَانَ الْمَأْمُورَ بِهِ فِي أَوَّلِ الْآيَةِ
وَرَوَى سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ كَانَتْ عَامَّةُ وَصِيَّةِ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّلَاةُ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ حَتَّى جَعَلَ يُغَرْغِرُ بِهَا فِي صَدْرِهِ وَمَا يَقْبِضُ بِهَا لِسَانَهُ وَرَوَتْهُ أَيْضًا أُمُّ سَلَمَةَ
وَرَوَى الْأَعْمَشُ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ عَنْ أَبِي عُمَارَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُرَحْبِيلَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْغَنَمُ بَرَكَةٌ وَالْإِبِلُ عِزٌّ لِأَهْلِهَا وَالْخَيْلُ مَعْقُودٌ فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْرُ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَالْمَمْلُوكُ أَخُوكَ فَأَحْسِنْ إلَيْهِ فَإِنْ وَجَدْتَهُ مَغْلُوبًا فَأَعِنْهُ
وَرَوَى مُرَّةُ الطَّيِّبُ «1» عَنْ أَبِي بَكْرٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ سَيِّئُ الْمَلَكَةِ قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَيْسَ قَدْ حَدَّثْتَنَا أَنَّ هَذِهِ الْأُمَّةَ أَكْثَرُ الْأُمَمِ مَمْلُوكِينَ وَأَتْبَاعًا قَالَ بَلَى فَأَكْرِمُوهُمْ كَكَرَامَةِ أَوْلَادِكُمْ وَأَطْعِمُوهُمْ مِمَّا تَأْكُلُونَ
وَرَوَى الْأَعْمَشُ عَنْ الْمَعْرُورِ بْنِ سُوَيْد قَالَ مَرَرْت عَلَى أَبِي ذَرٍّ وَهُوَ بِالرَّبِذَةِ فَسَمِعْته يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المماليك